ورسوله ويسعون في الأرض فسادا الآية فالسلطان يا بنى حبل الله المتين وعروته الوثقى ودينه المقيم فاحفظه وحصنه وذب عنه وأوقع بالملحدين واقمع المارقين منه وقابل الخارجين عنه بالعقاب ولا تجاوز ما أمر الله به في محكم القرآن واحكم بالعدل ولا تشطط فان ذلك أقطع للشعث وأحسم للعدو وأنجع في الدواء واعف عن الفئ فليس بك إليه حاجة مع ما أخلفه لك وافتتح بصلة الرحم وبر القرابة وإياك والإثرة والتبديد لأموال الرعية واشحن الثغور واضبط الأطراف وأمن السبيل وسكن العامة وأدخل المرافق عليهم وارفع المكاره عنهم وأعد الأموال واخزنها وإياك والتبديد فان النوائب غير مأمونة وهي من شيم الزمان وأعد الأكراع والرجال والجند ما استطعت وإياك وتأخير عمل اليوم لغد فتتداول الأمور وتضيع وخذ في احكام الأمور والنازلات في أوقاتها أولا أولا واجتهد وشمر فيها وأعد رجالا بالليل لمعرفة ما يكون بالنهار ورجالا بالنهار لمعرفة ما يكون بالليل وباشر الأمور بنفسك ولا تضجر ولا تكسل واستعمل حسن الظن وأسيئ الظن بعملك وكتابك وخذ نفسك بالتيقظ وتفقد من يبيت على بابك وسهل اذنك للناس وانظر في أمر النزاع إليك وكل بهم عينا غير نائمة ونفسا غير ساهية ولا تنم فان أباك لم ينم منذ ولى الخلافة ولا دخل عينه الغمض الا وقلبه مستيقظ هذه وصيتي إليك والله خليفتي عليك ثم ودعه وسار إلى الكوفة فأحرم منها قارنا وساق الهدى وأشعره وقلده لأيام خلت من ذي القعدة ولما سار منازل عرض له وجعه الذي مات به ثم اشتد فجعل يقول للربيع وكان عديله بادر بي إلى حرم ربى هاربا من ذنوبي فلما وصل بئر ميمون مات سحر السادس من ذي الحجة لم يحضر الا خدمه والربيع مولاه فكتموا الامر ثم غدا أهل بيته على عادتهم فدعا عيسى بن علي العم ثم عيسى بن موسى بن محمد ولى العهد ثم الأكابر وذوي الأنساب ثم عامتهم فبايعهم الربيع للمهدى ثم بايع القواد وعامة الناس وسار العباس بن محمد ومحمد بن سليمان إلى مكة فبايعا الناس للمهدى بين الركن والمقام وجهزوه إلى قبره وصلى عليه عيسى بن موسى وقيل إبراهيم بن يحيى ودفن في مقبرة المعلاة وذلك لاثنتين وعشرين سنة من خلافته وذكر علي بن محمد النوفلي عن أبيه وهو من أهل البصرة وكان يختلف إلى المنصور تلك الأيام قال جئت من مكة صبيحة موته إلى العسكر فإذا موسى بن المهدى عند عمود السرادق والقاسم بن المنصور في ناحية فعلمت انه قد مات ثم أقبل الحسن بن زيد العلوي والناس حتى ملؤا السرادق وسمعنا همس البكاء ثم خرج أبو العنبر الخادم مشقوق الأقبية وعلى رأسه التراب وهو يستغيث وقام القاسم فشق ثيابه ثم خرج الربيع وفى يده قرطاس فقرأه على الناس وفيه بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله المنصور أمير المؤمنين إلى من خلف
(٢٠٥)