التحريم ثم قال الأشبه الجواز.
قال في المدارك: منشأ التردد أصالة الجواز السالمة عن معارضة الاخلال بالواجب، وقوله (ع) في رواية أبي بصير (1) (إذا أردت الشخوص في يوم عيد فانفجر الصبح وأنت بالبلد فلا تخرج حتى تشهد ذلك العيد قال في الذكرى: ولما لم يثبت الوجوب حمل، النهي عن السفر على الكراهة. ويشكل بعدم المنافاة بين الأمرين حتى يتوجه الحمل لكن الراوي وهو أبو بصير مشترك بين الثقة والضعيف فلا يصح التعليق بروايته والخروج بها عن مقتضى الأصل. انتهى ما ذكره في المدارك.
أقول: لا إشكال في أن ظاهر النهي في الرواية المذكورة هو التحريم، وجواب صاحب الذكرى - بأنه لما لم يدخل وقت الصلاة ولم يتحقق وجوبها والخطاب بها يحمل النهي على الكراهة - فيه ما ذكره السيد (قدس سره) من أن التحريم لا يتوقف على دخول وقتها إذ لا منافاة بين التحريم وبين عدم وجوبها إذ يجوز أن يكون التحريم لأمر آخر.
وجواب صاحب المدارك بضعف الرواية مردود بأن الراوي عن أبي بصير هنا عاصم بن حميد، وقد تقرر في كلامهم أنه متى كان الراوي عن أبي بصير عاصم بن حميد أو عبد الله بن مسكان فهو ليث المرادي الثقة الجليل القدر، والراوي هنا عنه عاصم بن حميد فتكون الرواية صحيحة، ولهذا إن صاحب الذخيرة وصفها بالصحة ولكن أجاب عنها بعدم انتهاض الدلالة على التحريم خصوصا إذا لم يكن القول بذلك مشهورا بين الأصحاب. ولا يخفى ما فيه إذ لا أعرف لهذا الجواب وجها إلا من حيث ما تكرر في كلامه - كما نبهنا عليه في غير مقام - من أن الأوامر والنواهي عنده في الأخبار لا تدل على الوجوب والتحريم إلا باعتبار اعتضادها بالشهرة بين الأصحاب. وقد أوضحنا ما فيه من الوهن والبطلان في غير مما تقدم.