عن سماع الحكمة، وعميت القلوب عن نور البصيرة (1).
- " في خبر المعراج " قال الله تبارك وتعالى:
يا أحمد، لو صلى العبد صلاة أهل السماء والأرض، ويصوم صيام أهل السماء والأرض، ويطوي عن الطعام مثل الملائكة، ولبس لباس العابدين، ثم أرى في قلبه من حب الدنيا ذرة، أو سمعتها، أو رئاستها، أو صيتها، أو زينتها، لا يجاورني في داري، ولأنزعن من قلبه محبتي (ولأظلمن قلبه حتى ينساني، ولا أذيقه حلاوة محبتي) (2).
(انظر) الأمة: باب 126، 1243، 817.
[1224] بغض الدنيا - الإمام علي (عليه السلام): ألا حر يدع هذه اللماظة لأهلها؟! إنه ليس لأنفسكم ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها إلا بها (3).
- عنه (عليه السلام): هؤلاء أنبياء الله وأصفياؤه، تنزهوا عن الدنيا، وزهدوا فيما زهدهم الله جل ثناؤه فيه منها، وأبغضوا ما أبغض، وصغروا ما صغر (4).
- كان علي بن الحسين (عليهما السلام) إذا تلا هذه الآية * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) * يقول: اللهم ارفعني في أعلى درجات هذه الندبة وأعني بعزم الإرادة... وارزقني قلبا ولسانا يتجاريان في ذم الدنيا، وحسن التجافي منها حتى لا أقول إلا صدقا (5).
- الإمام علي (عليه السلام): لقد كان في رسول الله (صلى الله عليه وآله) كاف لك في الأسوة، ودليل لك على ذم الدنيا وعيبها، وكثرة مخازيها ومساويها، إذ قبضت عنه أطرافها، ووطئت لغيره أكنافها، وفطم عن رضاعها، وزوي عن زخارفها...
فتأس بنبيك الأطيب الأطهر (صلى الله عليه وآله)، فإن فيه أسوة لمن تأسى، وعزاء لمن تعزى، وأحب العباد إلى الله المتأسي بنبيه، والمقتص لأثره.
قضم الدنيا قضما، ولم يعرها طرفا، أهضم أهل الدنيا كشحا، وأخمصهم من الدنيا بطنا، عرضت عليه الدنيا فأبى أن يقبلها، وعلم أن الله سبحانه أبغض شيئا فأبغضه، وحقر شيئا فحقره، وصغر شيئا فصغره، ولو لم يكن فينا إلا حبنا ما أبغض الله ورسوله وتعظيمنا ما صغر الله ورسوله لكفى به شقاقا لله، ومحادة عن أمر الله.
ولقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأكل على الأرض، ويجلس جلسة العبد، ويخصف بيده نعله، ويرقع بيده ثوبه، ويركب الحمار العاري، ويردف خلفه، ويكون الستر على باب بيته فتكون فيه التصاوير، فيقول: يا فلانة - لإحدى أزواجه - غيبيه عني، فإني إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا وزخارفها.
فأعرض عن الدنيا بقلبه، وأمات ذكرها من نفسه، وأحب أن تغيب زينتها عن عينه، لكي