وجد متعلق القلب بما وراءه، مع ما يهجم عليه من الهم والغم والحزن والقلق والاضطراب والخوف بنزول النوازل وعروض العوارض من موت ومرض وعاهة وحسد حاسد وكيد كائد وخيبة سعي وفراق حبيب.
ولو أنه عرف مقام ربه ذاكرا غير ناس أيقن أن له حياة عند ربه لا يخالطها موت وملكا لا يعتريه زوال وعزة لا يشوبها ذلة وفرحا وسرورا ورفعة وكرامة لا تقدر بقدر ولا تنتهي إلى أمد، وأن الدنيا دار مجاز وما حياتها في الآخرة إلا متاع، فلو عرف ذلك قنعت نفسه بما قدر له من الدنيا ووسعه ما أوتيه من المعيشة من غير ضيق وضنك " (1).
" قوله: * (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا) * أي من تعامى عن ذكر الرحمن ونظر إليه نظر الأعشى جئنا إليه بشيطان... * (فهو له قرين) * أي مصاحب لا يفارقه.
قوله تعالى: * (وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون) *... والمعنى: وإن الشيطان ليصرفون العاشين عن الذكر ويحسب العاشون أنهم - أي العاشين أنفسهم - مهتدون إلى الحق.
وهذا - أعني حسبانهم أنهم مهتدون عند انصدادهم عن سبيل الحق - أمارة تقييض القرين ودخولهم تحت ولاية الشيطان، فإن الإنسان بطبعه الأولي مفطور على الميل إلى الحق ومعرفته إذا عرض عليه، ثم إذا عرض عليه فأعرض عنه اتباعا للهوى ودام عليه طبع الله على قلبه وأعمى بصره وقيض له القرين، فلم ير الحق الذي تراءى له وطبق الحق الذي يميل إليه بالفطرة على الباطل الذي يدعوه إليه الشيطان، فيحسب أنه مهتد وهو ضال، ويخيل إليه أنه على الحق وهو على الباطل... " (2).
(انظر) الشيطان: 2017 العشق: باب 2739.
[1350] نسيان الله نسيان النفس الكتاب * (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون) * (3).
- الإمام علي (عليه السلام): من نسي الله أنساه نفسه (4).
- عنه (عليه السلام): من نسي الله سبحانه أنساه الله نفسه وأعمى قلبه (5).
[1351] أنواع الذكر - عن بعض الصادقين: ذكر اللسان الحمد والثناء، وذكر النفس الجهد والعناء، وذكر الروح الخوف والرجاء، وذكر القلب الصدق والصفاء، وذكر العقل التعظيم والحياء، وذكر المعرفة التسليم والرضاء، وذكر السر الرؤية واللقاء (6).