قال: فقال: السعة في المال إذا كان يحج ببعض ويبقي بعض لقوت عياله، أليس قد فرض الله الزكاة فلم يجعلها إلا على من ملك مائتي درهم (1).
والجواب عن الأول: المعارضة بالاحتياط.
ولأن الأصل إنما يصار إليه إذا لم يقم دليل على مخالفته، وقد بينا الدليل على خلافه.
وأما الإجماع فممنوع، فإن جماعة من أصحابنا خالفوا في ذلك.
وأما الحديث فلم يعرف صحة سنده وإن كان مشهورا ومع ذلك فهو غير مخالف لما ذهبنا إليه، لأنا نوجب بقاء النفقة لعياله مدة ذهابه وعوده.
والإمام - عليه السلام - إنما أنكر إسقاط ذلك، وليس في الحديث دلالة على الرجوع إلى الكفاية.
نعم قد روى شيخنا المفيد - رحمه الله - في المقنعة هذا الحديث بزيادة مرجحة لما ذهبنا إليه، وهو قد قيل لأبي جعفر - عليه السلام - ذلك، فقال:
هلك الناس إذا كان من له زاد وراحلة لا يملك غيرهما، ومقدار ذلك مما يقوت به عياله، ويستغني به عن الناس فقد وجب عليه أن يحج، ثم يرجع فيسأل الناس بكفه لقد هلك إذن، فقيل له: فما السبيل عندك؟ قال: السعة في المال، وهو أن يكون معه ما يحج ببعضه ويبقي البعض يقوت به نفسه وعياله (2).
فقوله - عليه السلام -: " ثم يرجع فيسأل الناس بكفه " فيه تنبيه على اشتراط الكفاية من المال أو صنعة، كما ذهب إليه الشيخان (3).
ثم قوله: " ويبقي البعض يقوت به نفسه وعياله " يعني وقت رجوعه، وإلا