وقال في المبسوط: لا يجوز قتال أحد من الكفار الذين لم تبلغهم الدعوة، إلا بعد دعائهم إلى الإسلام وإظهار الشهادتين والإقرار بالتوحيد والعدل والتزام جميع شرائع الإسلام، وإن كان الكفار قد بلغتهم دعوة النبي - صلى الله عليه وآله - وعلموا أنه يدعو إلى الإيمان والإقرار به، وإن من لم يقبل قاتله ومن قبل منه آمنه، فهؤلاء حرب للمسلمين وللإمام أن يبعث إليهم الجند من غير أن يراسلهم ويدعوهم، لأن ما بلغهم قد أجزأ (1).
وهذا التفصيل أجود، وهو اختيار ابن الجنيد (2)، مع أنه قال: الدعوة للقسم الثاني أحوط، لجواز حدوث الرغبة في الإسلام أو إعطاء الجزية أو إيقاع الهدنة بفدية، وخاصة إن كانت البلاد بلادا قد اشترك في مساكنها من قوتل على الدعوة ومن لم يقاتل ومن لا يتيقن بلوغها على الشرع إليهم.
لنا: ما روي أن النبي - صلى الله عليه وآله - أغار على بني المصطلق - وهم غارون وأنعامهم على الماء - فقاتلهم وسبى سبيهم (3).
وما رواه أبو عمرو الشامي، عن الصادق - عليه السلام - قال: سأله رجل - إلى أن قال: - غزوت فواقعت المشركين فينبغي قتالهم قبل أن أدعوهم، فقال: إن كان غزوا وقوتلوا وقاتلوا فإنك تجتزئ بذلك، وإن كانوا قوما لم يغزوا ولم يقاتلوا فلا يسعك قتالهم حتى تدعوهم (4).
احتج الشيخ بما رواه السكوني، عن الصادق - عليه السلام - عن آبائه - عليهم السلام - قال: قال أمير المؤمنين - عليه السلام -: بعثني رسول الله - صلى الله عليه