ذلك وتشهد به لأن مال الغير لا يجوز التصرف فيه إلا باذنه ولو لم يكن في ذلك إلا طريقة الاحتياط لبراءة الذمة لكفى لأن الذمة مشغولة بهذا المال وإيصاله إلى صاحبه ومستحقه فإذا فعل ذلك تيقن براءة ذمته مما لزمها وإذا أعطاه لغيره ففيه الخلاف ولم يتيقن براءة ذمته، وإذا لم يكن مع المخالف إجماع فدليل القرآن وأدلة العقول ودليل الاحتياط التمسك بها في المسألة هو الواجب الذي لا يجوز العدول عنه لذي لب وتأمل وتحصيل.
وأيضا فالمسألة الشرعية لا نعلمها إلا من أربع طرق: كتاب الله العزيز وسنة رسوله المتواترة وإجماع الشيعة الإمامية لدخول قول معصوم فيه، فإذا فقدنا الثلاث الطرق فدليل العقل المفزع إليه فيها. فهذا معنى قول الفقهاء دلالة الأصل، فسبرنا كتاب الله تعالى فما وجدنا فيه أن مال ابن الحسن يعطي لغيره ويستحقه سواه ويسلم إليه بغير إذنه وكذلك السنة المتواترة ولا أجمعنا على أن مال ابن الحسن يستحقه غيره ويسلم إلى سواه بغير إذنه فلم يبق معنا من الأدلة والطرق الأربع سوى دليل العقل ودليل العقل يحظر علينا التصرف في مال الغير بغير إذنه، هذا لا معدل للمنصف المتأمل عن هذا الاستدلال إلا إليه أعوذ بالله من سوء التوفيق.
ثم لا نجد مصنفا من أصحابنا بعد ذكره لهذه المسألة إلا ويودع في كتابه ويفتي ويقول: إن نصف الخمس يوصى به لصاحبه أو يحفظ لصاحبه أو يودع لصاحبه على اختلاف العبارات، فلو أراد أنه يستحقه غيره مع غيبته ويسلم إلى من سواه لكانوا مناقضين في أقوالهم والأدلة لا تتناقض وإلا ما السبر بيننا وهؤلاء الذين يستحقون الخمس هم الذين قدمنا ذكرهم ممن يحرم عليهم الزكاة ذكرا كان أو أنثى، فإن كان هناك من أمه من غير أولاد المذكورين وكان أبوه منهم حل له الخمس ولم تحل له الزكاة، وإن كان ممن أبوه من غير أولادهم وأمه منهم لم يحل له الخمس وحلت له الزكاة، واليتامى وابن السبيل يعطيهم مع الغنى والفقر لأن الظاهر يتناولهم.
وينبغي أن يفرق الخمس في الأولاد وأولاد الأولاد ولا يخص بذلك الأقرب فالأقرب لأن الاسم يتناول الجميع وليس ذلك على وجه الميراث، ولا يفضل ذكر على الأنثى من حيث كان ذكرا لأن التفرقة إنما هي على قدر حاجتهم إلى ذلك