فقوله تعالى: خذ من أموالهم صدقة، أمر منه تعالى نبيه بأخذ صدقاتهم على ما تقدم، وفرض على الأمة حملها إليه لفرضه عليها طاعته، والإمام قائم مقامه فيما فرض على النبي ص من إقامة الحدود والأحكام لأنه مخاطب بخطابه في ذلك. ولما وجد النبي ع كان الفرض حمل الزكاة إليه، فلما غاب من العالم بوفاته صار الفرض حمل الزكاة إلى خليفته، فإذا غاب الخليفة كان الفرض حملها إلى من نصبه في مقامه من خاصته، فإذا عدم السفراء بينه وبين رعيته وجب حملها إلى الفقهاء المأمونين من أهل ولايته لأن الفقيه أعرف بموضعها ممن لا فقه له.
فصل:
وقوله تعالى: إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا. قال المبرد: يعني أن السنة للمسلمين على الأهلة لا على ما يعده أهل الكتاب، فسمى الله كل ثلاثين يوما أو تسعة وعشرين يوما - عند تجدد رؤية الهلال بعد استسراده - شهرا، وسمي كل اثني عشر شهرا سنة وعاما وحولا، إذ كان لا ينتظم أمر الناس إلا بضبط هذا الحساب وإجراء الأحوال على مقتضى هذا المثال في جميع الأبواب.
ولما كان سائر الأمم سوى العرب يجعلون الشهر ثلاثين يوما والسنة بحلول الشمس أول الحمل، وذلك إنما يكون بانقضاء ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وربع يوم، واليهود والنصارى عبادتهم المتعلقة بالأوقات تجري على هذا الحساب، بين الله أنه حكم بأن تكون السنة قمرية لا شمسية وأنه تعبد المسلمين بهذا، فجعل حجهم وأعيادهم ومعاملاتهم وحسباناتهم ووجوب الزكوات عليهم معتبرة بالقمر وشهوره لا بالشمس.
فإن كان مع انسان مال تام النصاب وحال عليه الحول تجب فيه الزكاة وحد حؤول الحول فيها أنه إذا استهل هلال الشهر الثاني عشر.
والأثمان والأنعام لا زكاة فيها حتى يحول عليها الحول، فأما الغلات فوقت