وقال قوم: إنه يجب حفظه ما دام الانسان حيا، فإذا حضرته الوفاة وصى به إلى من يثق بديانته من إخوانه ليسلم إلى صاحب الأمر إذا ظهر ويوصي به كما وصى إلى أن يصل إلى صاحبه ع.
وقال قوم: يجب دفنه لأن الأرضين تخرج ما فيها عند قيام القائم مهدي الأنام عليه السلام، واعتمد في ذلك على خبر واحد، قال محمد بن إدريس: والأولى عندي الوصية به والوديعة ولا يجوز دفنه لأنه لا دليل عليه.
وقال قوم: يجب أن يقسم الخمس ستة أقسام: فثلاثة أقسام للإمام يدفن أو يودع من يوثق بأمانته والثلاثة الأقسام الأخر تفرق على مستحقها من أيتام بني هاشم ومساكينهم وأبناء سبيلهم لأنهم المستحقون لها وهم ظاهرون، وعلى هذا يجب أن يكون العمل والاعتماد والفتيا لأن مستحقها ظاهر وإنما المتولي لقبضها وتفريقها ليس بظاهر، فأما القول الأول فلا يجوز العمل به على حال.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: هذا الذي اخترناه وحققناه وأفتينا به هو الذي يقتضيه الدين وأصول المذهب وأدلة العقول وأدلة الفقه وأدلة الاحتياط، وإليه يذهب ويقول به جميع محققي أصحابنا المصنفين المحصلين الباحثين عن مأخذ الشريعة وجهابذة الأدلة ونقاد الآثار فإن جميعهم يذكرون في باب الأنفال هذه المقالة ويعتمدون على القول الأخير الذي ارتضيناه بغير خلاف بينهم ويقولون ما حكيناه ويذكرون ما شرحناه ويصرحون بأنه ليس فيه نص معين، فلو كان الخبران الضعيفان صحيحين ما كانوا يقولون: ليس فيه نص معين، وشيخنا المفيد يقول:
وإنما اختلف في ذلك لعدم ما يلجأ إليه من صريح المقال.
وما سطرناه واخترناه مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه الله واختياره في مبسوطه وهذا الكتاب المهم آخر ما صنفه في الفقه فإنه بعد النهاية والتهذيب والاستبصار والجمل والعقود ومسائل الخلاف وإن كان في جميع كتبه هذا اختياره وفتواه واعتقاده مع اختلاف عباراته في كتبه وتصنيفاته وإن كان المعنى واحدا، وقد أفتى فتيا صريحة في جواب المسائل الحائريات فقال له السائل: وعن رجل وجد كنزا لم يجد من يستحق الخمس منه ولا من يحمله إليه ما يصنع به؟ فقال: الجواب:
الخمس نصفه لصاحب الزمان يدفنه أو يودعه عند من يثق به ويأمره بأن يوصي