ويونس، والأخبار التي تعلق ابن الجنيد بها الواردة من طريق الشيعة الإمامية معارضة بأظهر وأكثر وأقوى منها من رواياتهم المعروفة المشهورة، ويمكن حملها بعد ذلك على أنها خرجت مخرج التقية، فإن الأكثر من مخالفي الإمامية يذهبون إلى أن الزكاة واجبة في الأصناف كلها، وإنما يوافق الإمامية منهم الشاذ النادر، ومما يقوى مذهبنا في هذه المسألة أن الذرة والعدس وكثيرا من الحبوب الخارجة عن الحنطة والشعير كانت معروفة بالمدينة وأكنافها، وما نقل أحد من أهل السير عن أحد ممن بعثه النبي ص لأخذ الصدقة أنه أخذ في جملة ما أخذ عدسا ولا ذرة كما رووا، وعينوا الحنطة والشعير والتمر فدل ذلك على أنه خارج عن أصناف ما يؤخذ منه الزكاة.
مسألة:
ومما ظن انفراد الإمامية به نفي الزكاة عن عروض التجارة وقد وافقهم في ذلك داود بن علي وهو قول ابن عباس رحمة الله عليه فيما رواه الحراني عنه.
وأبو حنيفة وأصحابه يوجبون في عروض التجارة الزكاة إذا بلغت قيمتها النصاب وهو قول الثوري والأوزاعي وابن حي والشافعي.
وقال مالك: إن كان إنما يبيع العرض بالعرض فلا زكاة حتى يقبض ماله وإن كان يبيع بالعين والعرض فإنه يزكى.
وقال الليث: إذا ابتاع متاعا للتجارة فيبقي عنده أحوالا فليس عليه إلا زكاة واحدة.
دليلنا على صحة هذه المسألة كل شئ دللنا به على أن الزكاة لا تجب فيما عدا الأصناف التسعة التي عيناها، وعروض التجارة خارجة عن تلك الأصناف فالطريقة تتناولها، ويمكن أن يعارضوا بما رووه عن النبي ص من قوله: ليس على المسلم في عبده ولا على فرسه صدقة.
وعموم هذا القول يقتضي نفي الصدقة عما هو معرض للتجارة وعما ليس بمعرض