الاستدعاء إلى أعمال البر.
وحملت اليهود لما نزلت هذه الآية، فقالوا: الذي يستقرض منا فنحن أغنياء وهو فقير إلينا، فأنزل الله: لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء.
فصل:
وقوله تعالى: ومنهم من يلمزك في الصدقات... الآية. دلالة على أنهم لم ينظروا إلى كيفية القسمة أ هي عادلة أم جائرة، وإنما اعتبروا إعطاءه إياهم فقط، فإن أعطاهم قالوا: عدل وأحسن، وإن لم يعطهم سخطوا وأنكروا. وهذا جهل ومعلوم أن من لم يرض قسمة النبي ع الصدقات وطعن عليه فيها سرا وجهرا إما كافر أو منافق.
و " اللمز " العيب في خلوة، أي من المنافقين من يعيبك في تفريق الصدقات.
وقال النبي ع: لا أعطيكم شيئا ولا أمنعكموه، إنما أنا خازن أضع حيث أمرت.
ولا تعجب إن اختلف أحكام الصدقات، فالغلات والثمار لا يراعى فيها حؤول الحول وشرطها اثنان الملك والنصاب، ويراعى الحول الحول في الأنعام والأثمان، ومن شرط الأنعام الملك والنصاب والسوم، ومن شرط الأثمان الملك والنصاب، وكونهما مضروبين منقوشين دنانير ودراهم.
وهذا التفصيل إنما نعلمه ببيان الرسول ع، قال تعالى: ما آتاكم الرسول فخذوه، فبيانه في مثل ذلك بالقول وبيانه في تفريقها بالعمل وكلاهما بيان.
ثم قال تعالى: ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله، وجوابه محذوف، أي لكانوا مؤمنين. والحذف في مثل هذا أبلغ لأن الذكر يقصره على معنى، والحذف يجوز، كل ممكن محتمل، تذهب النفس معه كل مذهب، والله أعلم.