سبيل إيجاب الحق في أموالهم لأنه تعالى قال: كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وفي أموالهم حق للسائل والمحروم، فأخرج الكلام كله مخرج المدح لهم بما فعلوه، وليس في إيجاب الله في أموالهم حقا معلوما للسائل والمحروم، وما يفعلونه من ذلك ليس بلازم أن يكون واجبا بل قد يكون نفلا ومتطوعا به، وقد يمدح الفاعل على ما يتطوع به كما يمدح على فعل ما يجب إليه.
ولا تعلق لهم بقوله: وآتوا الزكاة، لأن اسم الزكاة اسم شرعي، ونحن لا نسلم أن في عروض التجارة زكاة فيتناولها الاسم، فعلى من ادعى ذلك أن يدل عليه.
والدين إذا كان يد صاحبه تمتد إليه ولا يتعذر عليه كانت الزكاة فيه، وإذا لم يتمكن من قبضه لتأجيله أو دفعه باليد عنه فلا زكاة فيه على صاحبه. وبذلك نصوص عن آل محمد ع وأن الله لم يجعل في الدين من حرج ولا كلف عسيرا بنص التنزيل.
فصل:
وقوله تعالى: أ لم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات.
سبب ذلك أنهم لما سألوا النبي ص أن يأخذ من مالهم ما يكون كفارة لذنوبهم فامتنع النبي ص من ذلك حتى أذن له فيه بقوله تعالى: خذ من أموالهم صدقة، على ما قدمناه، فبين الله تعالى ههنا أنه ليس إلى النبي ص قبول توبتكم وأن ذلك إلى الله دونه، فإنه تعالى هو الذي " يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات " أي يأخذها بتضمن الجزاء عليها كما يؤخذ الهدية.
قال الجبائي: جعل الله أخذ النبي والمؤمنين للصدقة أخذا له تعالى على وجه المجاز، من حيث كان يأمره وأكده النبي ص بقوله: إن الصدقة تقع