فإن عدم المستحق له عزله من ماله وانتظر به المستحق، فإن هلك بعد عزله من غير تفريط فلا ضمان ولا غرامة، فإن حضرته الوفاة وصى به أن يخرج عنه.
وما روي عنهم ع من الأخبار في جواز تقديم الزكاة وتأخيرها فالوجه فيه ما قدمناه في أن ما تقدم يجعل قرضا ويعتبر فيه ما ذكرناه وما يؤخر منه إنما يؤخر انتظارا لمستحق فأما مع وجوده فالأفضل اخراجه إليه على البدار، هكذا أورده وذكره شيخنا أبو جعفر في نهايته وهو الذي قال في هذا الباب: وإذا حال الحول فعلى الانسان أن يخرج ما يجب عليه على الفور ولا يؤخره، قال محمد بن إدريس رحمه الله وقد ذكرنا ما عندنا في ذلك وتكلمنا عليه قبل هذا والذي ذهب إليه شيخنا أخيرا هو الصحيح الذي تقتضيه الأدلة وظواهر النصوص والإجماع.
قال بعض أصحابنا في كتاب له: إذا أيسر من دفع إليه شئ من الزكاة قبل وجوبها على جهة القرض ثم حال الحول وهو موسر فإن كان أيسر بغير ما دفع إليه من المال فلا يجوز لمن وجبت عليه الزكاة الاحتساب بها ولا يجزئ عنه وإن كان أيسر واستغنى بما دفع إليه فإنها تجزئ عن دافع الزكاة.
قال محمد بن إدريس: الذي تقتضيه الأدلة ويحكم بصحته النظر وأصول المذهب أنه إذا كان عند حؤول الحول غنيا فلا تجزئ عن الدافع لأن الزكاة لا يستحقها الغني سواء كان غناه بها أو بغيرها على كل حال لأنه وقت الدفع والاحتساب غنى له مال وهو القرض لأن المستقرض يملك مال القرض دون القارض بلا خلاف بيننا وهو حينئذ غنى، وعندنا أن من عليه دين وله من المال الذهب والفضة بقدر الدين وكان ذلك المال الذي معه نصابا فلا يعطي من الزكاة، ولا يقال: إنه فقير يستحق الزكاة، بل يجب عليه اخراج الزكاة مما معه لأن الدين عندنا لا يمنع من وجوب الزكاة لأن الدين في الذمة والزكاة في العين.
باب مستحق الزكاة وأقل ما يعطي منها وأكثر:
الذي يستحق الزكاة هم الثمانية الأصناف الذين ذكرهم الله تعالى في محكم التنزيل وهو قوله: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل.