وقوله تعالى: فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين، يدل على أن من وجبت عليه الجزية وحل الوقت فأسلم قبل أن يعطيها سقطت عنه ولم يلزمه أداؤها لأن ذلك على العموم.
وأما عقد الجزية فهو الذمة، ولا يصح إلا بشرطين: التزام الجزية، وأن يجري عليهم أحكام المسلمين من غير استثناء.
فالتزام الجزية وضمانها لا بد منه لقوله: قاتلوا الذين لا يؤمنون، إلى قوله:
حتى يعطوا الجزية، وحقيقة الإعطاء هو الدفع غير أن المراد ههنا هو الضمان وإن لم يحصل الدفع.
وأما التزام أحكامنا عليهم فلا بد منه أيضا وهو الصغار المذكور في الآية، ففي الناس من قال: الصغار هو وجوب جرى أحكامنا عليهم، ومنهم من قال: الصغار أن تؤخذ الجزية منه قائما والمسلم جالس عن خشوع وضراعة وذل واستكانة من الذمي وعن يد من المسلمين ونعمة منهم عليهم في حقن دمائهم وقبول الجزية منهم.
ولا حد لها محدود بل يضعها الإمام على أرضهم أو على رؤوسهم على قدر أحوالهم من الضعف والقوة بقدر ما يكونون به صاغرين، وما روي: أن أمير المؤمنين ع وضع على الموسر منهم ثمانية وأربعين درهما، وعلى المتوسط أربعة وعشرين درهما، وعلى المتجمل اثني عشر درهما، إنما فعله لما رآه في تلك الحال من المصلحة.
باب الزيادات:
وأما قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء، فقصر لجنس الصدقات على الأصناف المعدودة وأنها مختصة بهم، كأنه قيل: إنما هي لهم لا لغيرهم، ونحوه قولهم: إنما الخلافة لقريش، يريدون لا تتعداهم، ولا يكون لغيرهم، فيحتمل أن تصرف إلى الأصناف كلها وأن تصرف إلى بعضها.