وقد أورد شيخنا المفيد في مقنعته في باب الخراج وعمارة الأرضين خبرا وهو: روى يونس بن إبراهيم عن علي بن الأشعث الكندي عن مصعب بن يزيد الأنصاري قال: استعملني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه على أربعة رساتيق: المدائن والبهقباذات وبهرسير ونهر جوير ونهر الملك.
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: بهرسير " بالباء المنقطة من تحتها نقطة واحدة والسين غير المعجمة " هي المدائن والدليل على ذلك أن الراوي قال:
استعملني على أربعة رساتيق، ثم عد خمسة فذكر المدائن ثم ذكر من جملة الخمسة بهرسير فعطف على اللفظ دون المعنى، فإن قيل: لا يعطف الشئ على نفسه، قلنا: إنما عطفه على لفظه دون معناه وهذا كثير في القرآن والشعر قال الشاعر:
إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم فكل هذه الصفات راجعة إلى موصوف واحد وقد عطف بعضها على بعض لاختلاف ألفاظها، وقول الحطيئة:
وهند أتى من دونها النأي والبعد. والبعد هو النأي.
ويدل على ما قلناه أيضا ما ذكره أصحاب السيرة في كتاب صفين قالوا: لما سار أمير المؤمنين ع إلى صفين قالوا ثم مضى نحو ساباط حتى انتهى إلى مدينة بهرسير وإذا رجل من أصحابه ينظر إلى آثار كسرى وهو يتمثل بقول ابن يعفور التميمي:
جرت الرياح على محل ديارهم فكأنما كانوا على ميعاد فقال ع: أ فلا قلت: كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين، كذلك وأورثناها قوما آخرين الآية فأما البهقباذات فهي ثلاثة: البهقباذ الأعلى وهو ستة طساسيج: طسوج بابل وخطرنية والفلوجة العليا والسفلى والنهرين وعين التمر، والبهقباذ الأوسط أربعة طساسيج طسوج الجبة والبدأة وسوراء وبريسما ونهر الملك وباروسما، والبهقباذ الأسفل خمسة طساسيج منها: طسوج فرات وبادقلى، وطسوج السيلحين الذي فيه الخورنق والسدير ذكر ذلك عبيد الله بن خرداذبه في كتاب الممالك والمسالك.