ليس بميراث وإنما هو شئ صار لورثته بعد موته، وإن استفاد المعتق مالا فماله لمن أعتق لأنه مشتري بماله وبالله التوفيق.
باب الغنائم والخمس:
اعلم أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين. وأروي عن العالم ع أنه قال: ركض جبرائيل ع برجله حتى جرت خمسة أنهار ولسان الماء يتبعه:
الفرات ودجلة والنيل ونهر مهربان ونهر بلغ، فما سقت وسقى منها فللإمام والبحر المطيف بالدنيا. وروي أن الله جل وعز جعل مهر فاطمة عليها السلام خمس الدنيا فما كان لها صار لولدها ع. وقيل للعالم ع: ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال: أن يأكل من مال اليتيم درهما ونحن اليتيم. وقال جل وعلا: واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله وللرسول ولذي القربى، إلى آخر الآية، فتطول علينا بذلك - امتنانا منه ورحمة - إذا كان المالك للنفوس والأموال وسائر الأشياء الملك الحقيقي، وكان ما في أيدي الناس عواري وأنهم مالكون مجازا لا حقيقة له.
وكل ما أفاده الناس فهو غنيمة لا فرق بين الكنوز والمعادن والغوص ومال الغي، الذي لم يختلف فيه، وهو ما ادعي فيه الرخصة، وهو ربح التجارة وغلة الضيعة، وسائر الفوائد من المكاسب والصناعات والمواريث وغيرها لأن الجميع غنيمة وفائدة من رزق الله تعالى. فإنه روي أن الخمس على الخياط من إبرته والصانع من صناعته، فعلى كل من غنم من هذه الوجوه مالا فعليه الخمس، فإن أخرجه فقد أدى حق الله عليه و تعرض للمزيد، وحل له الباقي من ماله وطاب، وكان الله أقدر على إنجاز ما وعده العباد من المزيد والتطهير من البخل على أن يغني نفسه مما يديه عن الحرام الذي يحل فيه بل خسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين، فاتقوا الله وأخرجوا حق الله مما في أيديكم يبارك الله لكم في باقيه وتزكوا فإن الله تعالى الغني ونحن الفقراء. وقد قال الله تعالى: لن ينال الله لحومها ولا دماءها ولكن يناله التقوى منكم، فلا تدعوا التقرب إلى الله بالقليل والكثير على حسب الإمكان، وبادروا بذلك الحوادث واحذروا عواقب التسويف فيها فإنما هلك من هلك من الأمم السالفة بذلك وبالله الاعتصام.