من الذي كسبتم أو أخرجه الله من الأرض، والحرام وإن كان خبيثا فليس من ذلك غير أنه يمكن أن يراد بذلك لأنه لا ينافي السبب.
فأما إذا كان مال المزكي كله رديئا فجائز له أن يعطي منه ولا يدخل فيما نهي عنه لأن تقدير ما جعله الله للفقير في مال الغني تقدير حصة الشريك، فليس لأحد الشريكين أن يأخذ الجيد ويعطي صاحبه الردئ لما فيه من الوكس، فإذا استوى في الرداءة جاز له إعطاء الزكاة من الردئ لأنه حينئذ لم يبخسه حقا هو له كما يبخسه في الأول.
ويقوى القول الأول قوله: ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه، لأن الإغماض لا يكون إلا في الشئ الردئ دون ما هو حرام.
والأجناس التسعة التي تجب فيها الزكاة تدخل تحت قوله: أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض، وكذا الأجناس الخمسة التي يستحب فيها الزكاة تدخل تحته.
وعن الصادق ع: أن الآية نزلت في أقوام لهم أموال من ربا الجاهلية كانوا يتصدقون منه، فنهى الله عنه وأمر بالصدقة من الطيب الحلال.
فعليك أيها الناظر في كتابي هذا أن تتدبره، فإن السنة منهاجي ومنها أجئ، وبيان الكتاب من السنة.
فصل:
وقوله تعالى: ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه، في معناه قولان:
أحدهما أن لا تتصدقوا بما لا تجدونه من غرمائكم إلا بالمسامحة والمساهلة، فالإغماض المساهلة.
والآخر معناه لا تتصدقوا بما لا تأخذونه إلا أن تحظوا من الثمن فيه، ومثله قول الزجاج، أي لستم تأخذونه إلا بوكس فكيف تعطونه في الصدقة.
ثم قال: إن الله غنى عن صدقاتكم يقبلها منكم ويحمدكم عليها ويجازيكم