وانقطع به في السفر لأن ذلك لا يقتضيه كلمة الأصل التي هي ابن السبيل، ولا تفسيره الذي هو المنقطع به لأن المسافر إنما قيل له: ابن السبيل، لأن السبيل أخرجه إلى هذا المستقر كما أخرجه أبوه إلى مستقره لقي محتاجا، والمنقطع به هو الذي نفد ما عنده بل ضاع منه أو قطع به الطريق أو لغير ذلك، سواء كان ما عنده قليلا أو كثيرا وسواء كان من ورائه شئ أو لم يكن.
وذكر الشيخ في المبسوط أن ابن السبيل على ضربين: أحدهما المنشئ للسفر من بلده، الثاني المجتاز بغير بلده. وكلاهما مستحق للصدقة عند أبي حنيفة والشافعي، ولا يستحقها إلا المجتاز عند مالك، وهو الأصح لأنهم ع فسروه فقالوا:
هو المنقطع به وإن كان في بلده ذا يسار، فدل ذلك على أنه المجتاز. وقد روي: أن الضيف داخل فيه. والمنشئ للسفر من بلده إذا كان فقيرا جاز أن يعطي من سهم الفقراء دون سهم ابن السبيل.
ثم قسم السفر إلى طاعة ومعصية، قال: فإذا كان طاعة أو مباحا يستحق بهما الصدقة، ولا يستباح بسفر المعصية الصدقة. ثم قال: فابن السبيل متى كان منشئا للسفر من بلده ولم يكن له مال أعطي من سهم الفقراء عندنا ومن سهم ابن السبيل عندهم، وإن كان له مال لا يدفع إليه لأنه غير محتاج بلا خلاف، وإن كان مجتازا بغير بلده وليس معه شئ دفع إليه وإن كان غنيا في بلده لأنه محتاج في موضعه.
هذا كلامه في باب الزكاة، والصحيح أن المنشئ من بلده للسفر ليعطي شيئا في بلد آخر لا مانع من أن يدفع إليه من سهم ابن السبيل مقدار ما يوصله إلى بلده.
فصل:
قال المرتضى رضي الله عنه: إن تمسك الخصم بقوله " واعلموا أن ما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى " وقال: عموم الكلام يقتضي ألا يكون ذو القربى واحدا، وعموم قوله " واليتامى والمساكين وابن السبيل " يقتضي تناوله لكل من كان بهذه الصفات ولا يختص ببني هاشم، ومذهبكم