جاز في الصدقة أن يوضع في ثلاثة مساكين بل كان يجب وضعها في جميع من يتمكن منه في البلد، وقد أجمعوا على خلافه.
وقال الباقر ع: إن لقاسم الزكاة أن يضعها في أي الأصناف شاء، وإليه ذهب ابن عباس وحذيفة وعمر وعطاء وإبراهيم وسعيد بن جبير.
وقال بعض المتأخرين: لا يضعها إلا في سبعة أصناف لأن المؤلفة قلوبهم قد انقرضوا، وإن قسمها الانسان عن نفسه ففي ستة لأنه بطل سهم العامل عليها، وزعم أنه لا يجزئ في كل صنف أقل من ثلاثة.
وعندنا أن سهم المؤلفة والسعاة وسهم الجهاد قد سقط اليوم ويقسم في الخمسة الباقية كما شاء رب المال، وإن وضعها في فرقة منهم جاز إلا أن أقل ما يعطي مستحق ما يجب في نصاب ولا يكسر إلا في الغلات والثمار، والاحتياط فيها أن لا يكسر في نصابها أيضا.
وأجمعت الأمة على أن الصدقات يخالف حكمها حكم الوصية لأنه إن أوصى بسهام ثم تعذر بعضها في البلد لم يجز صرفها إلى الموجودين فيه، ولم يختلفوا في جواز ذلك في الزكاة، فقد ثبت أن هذه السهمان جهات لجواز الوضع فيهم، فكان الله وسع على المصدق القاسم الحال في ذلك، فجاز أن يضعه في جميعهم كيف شاء، وجاز أن يضع جميعه في بعضهم إذا رأى ذلك أولى وأحق في الحال.
فصل:
قد ذكرنا من قبل أنه يجوز أن يشترى المملوك من مال الزكاة فيعتق إذا كان حاله ما قدمناه، والدليل عليه قوله: إنما الصدقات للفقراء، إلى قوله: وفي الرقاب. وهذا نص صريح في جواز عتق الرقبة من الزكاة.
فإن قيل: المراد بقوله " وفي الرقاب " المكاتبون، فإن الفقهاء كلهم يجيزون أن يعطي المكاتب من مال الزكاة إلا مالكا.
قلنا: نحمله على المكاتب وعلى من يبتاع فيعتق لأنه لا تنافي بين الأمرين،