فأما الفقير فهو الذي لا شئ معه، وأما المسكين فهو الذي له بلغة من العيش لا يكفيه طول سنته، وقال بعض أصحابنا عكس ذلك وهو شيخنا أبو جعفر الطوسي في نهايته وقال في جمله وعقوده وفاق ما ذهبنا إليه واخترناه وهكذا في مسائل خلافه ومبسوطه وهو الصحيح من أقوال أهل اللغة والفقهاء لأن بين الفريقين اختلافا في ذلك والذي يدل على صحة ذلك قوله تعالى: أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر، فسماهم مساكين ولهم سفينة بحرية تساوى جملة من المال، وهذا بخلاف ما ذهب إليه المخالف في المسألة وقوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء، ووجه الدلالة من الآية أن القرآن نزل على لسان العرب ولغتها ومذاهبها ومخاطباتها وموضوع كلامها والعرب تبدأ بالأهم فالأهم فلما كان الفقير أسوأ حالا من المسكين بدأ به تعالى، ولا يلتفت إلى قول الشاعر:
أما الفقير الذي كانت حلوبته وفق العيال فلم يترك له سبد لأنه لا يجوز العدول عن الآيتين من القرآن إلى بيت شعر، وأيضا فالبيت المتمسك به ليس فيه دلالة على موضع الخلاف لأن كل واحد من الفقير والمسكين إذا ذكر على الانفراد دخل الآخر فيه وإنما يمتاز أحدهما عن الآخر ويحتاج إلى الفرق إذا اجتمعا في اللفظ وآيات القرآن جمعتهما في اللفظ.
وأما العاملون عليها فهم الذين يسعون في جباية الصدقات، وأما المؤلفة قلوبهم فهم الذين يتألفون ويستمالون إلى الجهاد فإنهم يعطون سهما من الصدقات مع الغنى والفقر والكفر والإسلام والفسق لأنهم على ضربين: مؤلفة الكفر ومؤلفة الاسلام.
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي: المؤلفة ضرب واحد وهم مؤلفة الكفر، والأول مذهب شيخنا المفيد وهو الصحيح لأنه يعضده ظاهر التنزيل وعموم الآية فمن خصصها يحتاج إلى دليل.
والعامل يعطي مع الغنى والفقر ولا يجوز أن يعطي مع الفسق ولا يكون من بني هاشم لأن عمالة الصدقات حرمها الرسول ع على بني هاشم قاطبة