الزكاة استحب له أن يخرج منها الزكاة وإن جعله كذلك بعد دخول الوقت لزمته الزكاة على كل حال، قوله رحمه الله: وإن جعله كذلك بعد دخول الوقت لزمته الزكاة على كل حال، هذا لا خلاف فيه بين المسلمين إنما الخلاف في جعله كذلك قبل دخول الوقت، فذهب فريق من أصحابنا إلى أن الزكاة واجبة عليه بالفرار، وقال فريق منهم: لا تجب، وهو الأظهر الذي يقتضيه أصول المذهب وهو أن الاجماع منعقد على أنه لا زكاة إلا في الدنانير والدراهم بشرط حؤول الحول والسبائك والحلي ليسا بدنانير ودراهم والإنسان مسلط على ماله يعمل فيه ما شاء وهذا مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه الله في نهايته، وقال في جمله وعقوده بخلاف ذلك.
وذهب سيدنا المرتضى رحمه الله إلى أنه لا زكاة في ذلك، ذهب إليه في الطبريات في مسألة ذكر الشفعة وقال: إذا فر الرجل بسهامه من دار فوهبها له ولم يأخذ منه عن ذلك ثمنا وأعطاه ذلك الموهوب له شيئا على سبيل الهدية والهبة سقط حق الشفعة عن هذا الموهوب لأنه عقد بغير عوض ولم يلزمه فيه الشفعة بخروجه عن الصفة التي يستحق معها الشفعة، فإن قال: أ لستم تروون أن من فر من الزكاة بأن سبك الدراهم والدنانير سبائك حتى لا يلزمه الزكاة وما جرى هذا المجرى من فنون الهرب من الزكاة: فإن الزكاة تلزمه ولا ينفعه هربه؟ قلنا: ليس يمتنع أن يكون لزوم الزكاة من هرب من الزكاة لسبك السبائك وما أشبهها لم يجب عليه بالسبب الأول الذي يجب له فيه الزكاة في الأصل لأن الزكاة لا تجب عندنا فيما ليس بمضروب من العين والورق وأن تكون الزكاة إنما يلزمه ههنا عقوبة على فراره من الزكاة لا لأن هذا العين في نفسها يستحق الزكاة فيها ويمكن أن يكون ما ورد من الرواية في الأمر بالزكاة لمن هرب من الزكاة هو على سبيل التغليظ والتشديد لا على سبيل الحتم والإيجاب، هذا آخر كلام السيد المرتضى.
والإبل والبقر والغنم والحنطة والشعير والتمر والزبيب وكل ما عدا هذه التسعة الأجناس فإنه لا يجب فيه الزكاة، ولا زكاة على مال غائب إذا لم يكن صاحبه متمكنا منه أي وقت شاء بحيث متى رامه قبضه، فإن كان متمكنا منه