قبلة لأهل المسجد وجعل المسجد قبلة لأهل الحرم وجعل الحرم قبلة لأهل الدنيا وعن الصدوق في العلل عن أبيه عن محمد بن يحيى بن محمد بن أحمد بن يحيى عن الحسين بن الحسين عن الحجال مثله وعن بشر بن جعفر الجعفي قال سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول البيت قبله لأهل المسجد والمسجد قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة للناس جميعا وفي العلل باسناده عن أبي غرة قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام البيت قبلة المسجد والمسجد قبلة مكة ومكة قبلة الحرم والحرم قبلة الدنيا لكن ما في هذه الرواية ومن كون مكة قبلة الحرم مما لم ينقل القول به من أحد فهو مما يوهن الاستشهاد بهذه الرواية مع ما فيها من ضعف السند لكن لا يخلو ايرادها عن تأييد ومما يؤيد هذا القول بل يستدل به الأخبار الدالة على استحباب التياسر الواردة في أهل العراق على ما فهمه الأصحاب كخبر المفضل بن عمر انه سئل أبا عبد الله عليه السلام عن التحريف لأصحابنا ذات اليسار عن القبلة وعن السبب فيه فقال إن الحجر الأسود لما انزل من الجنة ووضع في موضعه جعل انصاب الحرم من حيث يلحقه النور نور الحجر الأسود فهي عن يمين الكعبة أربعة أميال عن يسارها ثمانية أميال كله اثنى عشر ميلا فإذا انحرف الانسان ذات اليمين خرج عن القبلة لقلة انصاب الحرم و إذا انحرف الانسان ذات اليسار لم يكن خارجا عن حد القبلة وغير ذلك من الاخبار الآتية في محلها إن شاء الله وعن الشيخ في الخلاف الاستدلال عليه أيضا بأنه لو كلف التوجه إلى عين الكعبة لوجب إذا كان في صف طويل خلف الامام ان يكون صلاتهم أو صلاة أكثرهم إلى غير القبلة إلى أن قال ولا يلزمنا مثل ذلك لان الفرض التوجه إلى الحرم والحرم طويل يمكن ان يكون كل واحد من الجماعة متوجها إلى جزء منه انتهى وأورد عليه بالنقض باهل العراق ونحوه ممن كان مكلفا في تشخيص القبلة بالرجوع إلى علامة واحدة كجعل الجدي بين الكتفين أو خلف المنكب ونحو ذلك مع تشتت بلادهم وأوسعيتها من الحرم فيعلم اجمالا بعد محاذاة أكثرهم للحرم محاذاة حقيقية فلو فرض صف طويل في العراق مثلا طوله أزيد من أربعة فراسخ يرد عليه من الاشكال مثل ما أورده علينا وحله ان المعتبر في حق البعيد انما هو الاستقبال العرفي الحاصل بالتوجه إلى الجهة المتضمنة للقبلة ولا يتفاوت الحال في ذلك بالنسبة إلى البعيد كاهل العراق مثلا بين أن تكون القبلة هي الكعبة أو الحرم واما إذا كان قريبا من الكعبة بحيث يخرج بعض الصف المفروض عن مواجهة الكعبة عرفا فنلتزم ببطلان صلاتهم ولا محذور فيه أقول اما ما قيل في حل الاشكال من الالتزام بكفاية الجهد فقد تفطن له الشيخ وتعرض لابطاله في عبارته المحكية عنه بما لم نتحصل مراده ولذا طويناها ولعلها غير نقية (علم تفصيلي بطلان صلاته كما لو كان الفصل بينه وبين الامام أو من) عن الغلط وكيف كان فستعرف عند شرح معنى الجهة صحة ما قيل واندفاع الاشكال به بوجوه غير قابلة للتشكيك واما النقض عليه برجوع أهل كل قطر من الأقطار العظيمة إلى امارة واحدة فيمكنه التفصي عن ذلك بان تكليف البعيد لأجل تعذر تحصيل الموافقة القطعية ليس الا حرمة المخالفة القطعية والرجوع إلى الامارات المشخصة للجهة التي يقرب عندها احتمال الإصابة ما لم يعلم بعدم الإصابة في مورد ابتلائه فعلمه اجمالا لا بتخلف الامارة عن الواقع في الجملة غير قادح في حقه لان كل مكلف يراعي ما يقتضيه تكليفه حين الفعل وليس جميع أطراف ما علمه بالاجمال مورد ابتلائه فعلا حتى يمنعه عن الاعتماد على الامارة وحيث إن ما فرضه المعترض من الصف الطويل مجرد فرض لا يكاد يتحقق في الخارج لا يرد به النقض على الشيخ واما الصف الذي فرضه الشيخ فهو فرض كثير الوقوع ففي مثل هذا الفرض بناء على اعتبار محاذاة الكعبة كثيرا ما يتولد للمأموم من علمه الاجمالي بعدم محاذاة بعض أهل الصف للقبلة يتصل بواسطتهم إلى الامام أزيد من طول الكعبة فتأمل وكيف كان فعمدة ما يصح الاستناد إليه حجة للقول المزبور هي الأخبار المتقدمة ونوقش فيها بضعف السند ومعارضتها بالاخبار المتقدمة التي هي أرجح منها من حيث الشهرة والكثرة وعدالة الراوي في بعضها وعلى تقدير التكافؤ فالمرجع قاعده الاشتغال والجواب اما عن ضعف السند فبانجباره بشهرة الروايات وعمل الأصحاب بها قديما وحديثا واما عن المعارضة فبالمنع فان الأخبار المتقدمة مع عدم ظهور يعتد به لما عدى روايتي الطبرسي وابن سنان في الانحصار قابلة للحمل على ما لا ينافي هذا التفصيل لا بارتكاب التخصيص وحمل ما دل على أن الكعبة هي القبلة على ارادتها بالنسبة إلى خصوص من في المسجد فإنه في غاية البعد بل بعضها صريح وكالصريح في خلافه كرواية الاحتجاج وخبر ابن سنان المتقدمتين بل بالحمل على إرادة البيت وتوابعه مما حوله كجهتي الفوق والتحت اما لتبعيتها له أو من باب تسميته الكل باسم اشرف اجزائه واما هذه الأخبار فإنه وان أمكن تأويلها أيضا بما لا ينافي القول الأول كالحمل على إرادة سبعة جهة المحاذاة للبعيد وجرى التعبير مجرى العادة لكن التصرف فيها ابعد من التصرف في تلك الأخبار بل بعض هذه الروايات كخبر المفضل نص في أعمية القبلة للبعيد من نفس الكعبة فالقول بالتفصيل اظهر بالنظر إلى ما يقتضيه الجمع بين الاخبار ولكن قد يشكل ذلك بعدم التزام العاملين بهذه الروايات بظاهرها من الاطلاق فإنه قد استفيض نقل الاجماع حتى من أصحاب القول بالتفصيل على وجوب استقبال العين مع التمكن من مشاهدتها بل عن بعضهم التصريح بكون الكعبة قبلة لمن تمكن من العلم بها وادعاء الاجماع عليه فكأنهم فهموا من مجموع الاخبار ان الكعبة هي القبلة اصالة وان التعميم توسعة من باب الضرورة وحيث إن هذه الأخبار بظاهرها غير معمول بها بشكل الاعتماد على ما ولها وجعلها قرينة لارتكاب التأويل في الأخبار الدالة بظاهرها على أن الكعبة هي القبلة مع قبول هذه الروايات أيضا للتأويل فالقول بان القبلة هي الكعبة مطلقا ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط ولكن لا يترتب على الخلاف ثمرة عملية للبعيد لذي تكليفه الرجوع إلى الامارات المشخصة للجهة ولا يتميز بواسطة بعده على تقدير مشاهدته للعين استقباله الكعبة عن استقباله للحرم حيث يقع المجموع بجملته بين يديه واما بالنسبة إلى القريب الذي يتفاوت حسا محاذاته للكعبة أو لطرف من المسجد أو الحرم بحيث يصح عرفا عند استقباله لطرف من المسجد سلب استقباله عن الكعبة فلو لا التزام القائلين بالتفصيل بعدم جواز العدول من جهة الكعبة لدى التمكن من العلم بها لكان فيه فائدة عظيمة لكنك سمعت انه حكى عن بعضهم نقل الاجماع على في لجواز فعلى هذا يكون النزاع قليل الجدوى خصوصا لو أوجبوا التحري إلى جهة الكعبة مهما أمكن ومنعوا
(٨٦)