كذلك فإنه قال على ما حكى عنه القبلة هي الكعبة ثم المسجد قبلة من نأى عينا لان التوجه إليه توجه إليها ثم قال بعد أسطر ومن كان نائيا عنها خارجا من المسجد الحرام توجه إليها بالتوجه إليه انتهى فلعل نسبة القول المزبور اليهما نشأت من ساير عباراتهما واستفيد ذلك من قراين خارجية والا فالمراد بالعبارتين اما القول الأول كما هو الظاهر منهما بقرينة ما فيهما من التفريع والتعليل أو قول ثالث وهو كون الكعبة قبلة لمن في المسجد والمسجد عينا أو جهة لمن هو خارج عنه مطلقا كما نسب بعض اليهما والى ابن شهرآشوب أيضا هذا القول فجعله قولا ثالثا في المسألة الخ يمكن الاستشهاد لهم بالنسبة إلى الجزء الأول من مدعاهم اي كون الكعبة قبلة لمن في المسجد مضافا إلى الاجماع والضرورة بالأدلة الآتية وبالنسبة إلى الجزء الثاني كون المسجد قبلة لسائر الناس بظاهر قوله تعالى فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ولكن يتوجه على الاستشهاد بالآية انها وان كانت مشعرة بكون المأمور به هو التوجه نحو المسجد من حيث هو وكونه بنفسه هو القبلة لكن الملحوظ فيها التوجه نحو المسجد بلحاظ ما تضمنته من البيت كما يفصح عن ذلك اخبار مستفيضة مثل ما عن الكافي في الصحيح أو الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي إلى بيت المقدس قال نعم فقلت أكان يجعل الكعبة خلف ظهره فقال عليه السلام اما إذا كان بمكة فلا واما إذا كان هاجرها إلى المدينة فنعم حتى حول إلى الكعبة وعن الثقة الجليل علي بن إبراهيم القمي باسناده إلى الصادق عليه السلام ان النبي صلى الله عليه و آله صلى بمكة إلى بيت المقدس ثلاث عشر سنة وبعد هجرته صلى بالمدينة سبعة اشهر ثم وجهه الله إلى الكعبة وذلك أن اليهود كانوا يعيرون رسول الله صلى الله عليه وآله ويقولون أنت تابع قبلتنا تصلي إلى قبلتنا فاغتم رسول الله صلى الله عليه وآله وخرج في جوف الليل ينظر إلى افاق السماء ينتظر من الله تعالى في ذلك امرا فلما أصبح وحضر وقت صلاة الظهر كان في مسجد بني سالم قد صلي من الظهر ركعتين فنزل جبرئيل عليه السلام فاخذ بعضده وحوله إلى الكعبة وانزل عليه قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضيها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وكان قد صلى ركعتين إلى بيت المقدس وركعتين إلى الكعبة وعن الصدوق في الفقيه صلى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى بيت المقدس بعد النبوة ثلاثة عشر سنة بمكة وتسعة عشر شهرا بالمدينة ثم عيرته اليهود فقالوا له أنت تابع قبلتنا فاغتم لذلك غما شديدا فلما كان في بعض الليل خرج صلى الله عليه وآله يقلب وجهه في افاق السماء فلما أصبح صلى الغداة فلما صلى من الظهر ركعتين جاء جبرئيل صلى الله عليه وآله وقال قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضيها فول وجهك شطر المسجد الحرام الآية ثم اخذ بيد النبي صلى الله عليه وآله فحول وجهه إلى الكعبة وحول من خلفه وجوههم حتى قام الرجال مقام النساء والنساء مقام الرجال فكان أول صلاته إلى بيت المقدس واخرها إلى الكعبة وبلغ الخبر مسجدا بالمدينة وقد صلى أهله من العصر ركعتين فحولوا نحو الكعبة فكانت أول صلاتهم إلى بيت المقدس واخرها إلى الكعبة فسمى ذلك المسجد مسجد القبلتين الحديث وخبر أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام قال قلت له الله امره ان يصلي إلى بيت المقدس قال نعم الا ترى ان الله يقول وما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول الآية قال إن بني عبد الأشهل أتوهم وهم في الصلاة قد صلوا ركعتين إلى بيت المقدس فقيل لهم ان نبيكم قد صرف إلى الكعبة فتحول النساء مكان الرجال والرجال مكان النساء وجعلوا الركعتين الباقيتين إلى الكعبة فصلوا صلاة واحدة إلى قبلتين فلذلك سمي مسجدهم مسجد القبلتين وخبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له متى صرف رسول الله إلى الكعبة قال بعد رجوعه من بدر ورواية أبي البختري المروية عن قرب الإسناد عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله استقبل بيت المقدس تسعة عشر شهرا ثم صرف إلى الكعبة وهو في العصر إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على أن الكعبة هي التي كانت مقصودة الاستقبال وقد استشهد أصحاب القول الأول بهذه الاخبار و نظائرها لاثبات الجزء الأول مر بدعاهم وهو كون العين قبلة لمن تمكن من العلم بها وللجزء الثاني بما في جملة من هذه الأخبار من الإشارة إلى أن البعيد يتوجه نحوها فان الظاهر منها إرادة الجهة كما انها هي التي تتبادر من قوله تعالى فول وجهك شطر المسجد الحرام واظهر منها في الدلالة على أنها هي العين للقريب والجهة للبعيد ما عن احتجاج الطبرسي رحمه الله باسناده عن العسكري عليه السلام في احتجاج النبي صلى الله عليه وآله على المشركين قال انا عباد الله مخلوقون مربوبون نأتمر له فيما أمرنا ننزجر عما زجرنا إلى أن قال فلما أمرنا ان نعبده بالتوجه إلى الكعبة أطعنا ثم أمرنا بعبادته بالتوجه نحوها في سائر البلدان التي تكون بها فاطعنا فلم نخرج في شئ من ذلك من اتباع امره هذا مع أن المتبادر من الامر باستقبال الكعبة ونحوها ليس الإرادة جهتها بالنسبة إلى البعيد الغير المتمكن من العلم بها كما سنوضحه انشاء الله واظهر منها دلالة على انحصار القبلة في الكعبة عينا أو جهة خبر عبد الله بن سنان المروي عن أمالي الصدوق وعن أبي عبد الله عليه السلام قال إن لله عز وجل حرمات ثلاثة ليس مثلهن شئ كتابه هو حكمة ونور وبيته الذي جعله قياما للناس لا يقبل من أحد توجها إلى غيره وعترة نبيكم وعن الحميري في قرب الإسناد نحوه واستدل أيضا لكفاية الجهة في المدارك بصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال لا صلاة الا إلى القبلة قلت له أين حد القبلة قال ما بين المشرق والمغرب قبلة كله ونحوها صحيحة معاوية بن عمار عن القبلة في الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ انه قد انحرف عن القبلة يمينا وشمالا قال قد مضت صلاته وما بين المشرق والمغرب قبلة ولكنك خبير بما في الاستدلال بالروايتين والاشكال فان القول باتساع الجهة بهذا المقدار مما لم ينقل عن أحد نعم صرحوا بذلك في من أخطأ في تشخيص القبلة فصلى فيما بين المشرق والمغرب فإنه لا إعادة عليه كما ستعرف إن شاء الله وعن صاحب الذخيرة الاستدلال له بالاخبار المتقدمة الدالة على أن النبي صلى الله عليه وآله صلى إلى الكعبة قائلا في تقريبه انه ليس المراد عينها البتة فيحمل على جهتها أقول فكأنه أراد بالعين نفس البناء الذي يمتنع رويته من المدينة والا فالجزم بعدم إرادة استقبال العين بالمعنى المقصود بالبحث عنه في المقام اي الجهة المحاذية لها في غير محله خصوصا مع كون الفعل صادر امر النبي صلى الله عليه وآله بدلالة من لا يشتبه عليه مكان البيت حجة القول الثاني جملة من الاخبار منها ما رواه الشيخ عن عبد الله بن محمد الحجال عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام والصدوق في الفقيه مرسلا عن أبي عبد عبد الله عليه السلام ان الله جعل الكعبة
(٨٥)