في بعض كتبه من التصريح بالجواز والمبالغة في التشنيع عن العامة القائلين بالحرمة استنادا إلى ما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله من النهي عن الصلاة في الوقتين معللا بان الشمس تطلع وتغرب بين قرني شيطان بابطال العلة وتكذيبها ومنع جواز صدور التعليل بمثلها من الأنبياء عليهم السلام كما ستشعر ذلك من التوقيع المتقدم المصرح بفساد التعليل المشعر بكذب العلة في حد ذاتها وكونها من أقوال الناس لا الأنبياء إلى أن قال فيما حكى عنه فلما بطلت هذه الرواية بفساد اخر الحديث ثبت ان التطوع جايز فيهما انتهى وعن ابن أبي عقيل لا نافلة بعد طلوع الشمس إلى الزوال ولا بعد العصر حتى يغيب القرص الا يوم الجمعة وقضاء فوائت السنن وعن ابن الجنيد ورد النهي عن رسول الله صلى الله عليه وآله عن الابتداء بالصلاة عند طلوع الشمس وعند قيامها نصف النهار وعند غروبها وأباح الصلاة نصف النهار يوم الجمعة فقط وظاهرهما إرادة عدم المشروعية فتحرم وصرح منهما في ذلك ما عن السيد في بعض كتبه فقال ومما انفردت به الإمامية كراهة صلاة الضحى وان التنفل بالصلاة بعد طلوع الشمس إلى وقت زوالها محرم الا في يوم الجمعة خاصة وعنه في أجوبة المسائل الناصرية حيث قال لا باس بقضاء الفرائض عند طلوع الشمس وعند استوائها وعند غروبها قال السيد وهذا عندنا صحيح وعندنا انه يجوز ان يصلي في الأوقات المنهى عن الصلاة فيها كل صلاة لها سبب متقدم وانما لا يجوز ان يبتدء فيها بالنوافل انتهى وعن بعض المتأخرين التردد في الكراهة مطلقا وعدمها كذلك إذا عرفت ذلك فنقول اما الأخبار المتقدمة التي هي عمدة مستند الكراهة مطلقة بل مقتضى اطلاقها شمولها لقضاء الفريضة أيضا فضلا عن قضاء النوافل وغيره من ذوات الأسباب لكن ربما يظهر من بعض الأخبار اختصاصها بما عدى الفوائت كصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال اربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة صلاة فاتتك فمتى ذكرتها أديتها وصلاة ركعتي طواف الفريضة وصلاة الكسوف والصلاة على الميت هو لا تصليهن في الساعات كلها ورواية نعمان الرازي قال سئلت أبا عبد الله عن رجل فاته شئ من الصلوات فذكر عند طلوع الشمس وعند غروبها قال فليصل حين ذكره وصحيحة معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول خمس صلوات لا يترك على كل حال إذا طفت بالبيت وإذا أردت ان تحرم وصلاة الكسوف وإذا نسيت فصل إذا ذكرت وصلاة الجنازة ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال خمس صلوات تصليهن في كل وقت صلاة الكسوف والصلاة على الميت وصلاة الاحرام والصلاة التي تفوت وصلاة الطواف من الفجر إلى طلوع الشمس وبعد العصر إلى الليل وفي هذه الأخبار إشارة إلى أن المراد بالصلوات إلي نهى عن الاتيان بها في بعض الأوقات هي ما عدى هذه الصلوات فهي حاكمة على الأخبار الناهية خصوصا الرواية الأخيرة فان قوله عليه السلام من الفجر إلى طلوع الشمس وبعد العصر إلى الليل بمنزلة التأكيد لإرادة العموم من كل وقت بالتصريح بالفرد الذي فيه مظنة المنع ومقتضى اطلاقها شمولها لمطلق الفائتة المقتضية فريضة كانت أم نافلة اللهم الا ان يدعى انصرافها إلى الأولى وهو قابل للمنع إذ الظاهر كونه بدويا وكيف كان فربما يعارض هذه الأخبار قوله عليه السلام في ذيل صحيحة زرارة المتقدمة في المسألة السابقة وأيهما ذكرت اي المغرب والعشاء فلا تصليهما الا بعد شعاع الشمس ونحوه بعض الأخبار الواردة أيضا في ناسي العشائين ففي خبر أبي بصير وان استيقظ بعد الفجر فليبدء فليصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس فان خاف ان تطلع الشمس فتفوته احدى الصلاتين فليصل المغرب ويدع العشاء حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها وفي صحيحة ابن سنان فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس وقد حمل صاحب الحدائق هذه الأخبار على التقية مستشهدا لذلك بما تضمنته من امتداد وقت العشائين للناسي إلى طلوع الفجر وهو خلاف المشهور وقد التزم بجري هذا الحكم مجرى التقية فجعله شاهدا لما ادعاه في المقام ولكنك عرفت ان القول به لا يخلو عن قوة فالأولى في مقام الجمع اما الالتزام بخفة الكراهة الملحقة بالعدم بالنسبة إلى قضاء الفوائت أو مطلق ذوات الأسباب أو تخصيص عموم الأوقات في المسألة ولعل هذا وهو الأولى وان كان قد يشكر ذلك أيضا بما في بعض الأخبار من الامر بها في خصوص هذا الوقت مثل ما رواه الصدوق باسناده عن حماد بن عثمان انه سئل أبا عبد الله عليه السلام عن رجل فاته شئ من الصلوات فذكر عند طلوع الشمس أو عند غروبها قال فليصل حين يذكر ونحوها رواية نعمان المتقدمة ولكن يمكن الجمع بين تلك الأخبار الناهية عن القضاء الا بعد شعاع الشمس وبين هذه الرواية وأشباهها بالالتزام باجتماع جهتي الكراهة الناشئة من عدم مناسبة الوقت للفعل والاستحباب الناشي من حسن المبادرة إلى الخيرات والتعجيل في أداء الحقوق الواجبة وغيرها من الجهات المقتضية حسن التعجيل وتنزيل الاخبار المختلفة على رعاية الجهات وتوجيهها ببعض الوجوه التي يتوجه بها العبادات المكروهة التي تعلق بها النهي مع كونها مطلوبة بالفعل فيكون كل من التعجيل والتأخير راجحا من جهة نظير صلاة العصر التي قد عرفت عند التعرض لوقت فضيلتها ان تأخيرها إلى وقتها الأصلي مستحب وتقديمها من أول الوقت بعد أداء الظهر ونافلتها من باب المسارعة إلى الخيرات ونحوها أفضل هذا بالنسبة إلى طلوع الشمس الذي ورد الامر بتأخير القضاء عنه في الأخبار السابقة ولا يبعد الحاق قيامها وغروبها أيضا بذلك بابقاء النهي عن الصلاة في هذه الأوقات الثلاثة على عمومه وعدم تخصيصه بالاخبار الحاكمة لاعتضاد عمومه بهذه الاخبار الامرة بتأخير القضاء عن طلوع الشمس واما الوقت الذي يتعلق بالفعل اي ما بعد صلاتي الفجر والعصر فلا ينبغي التأمل في عدم كراهة القضاء فيه ولو بالمعنى المتقدم الذي مرجعه إلى استحباب التأخير رعاية للوقت الأصلح وان كان قد يظهر من بعض الأخبار عدم صلاحية هذا الوقت أصلا للصلاة حتى الفريضة الأدائية كخبر الصيقل الذي ورد فيه الامر بالعدول من العصر إلى الظهر المنسية
(٧٨)