وان اتجه ما ذكره من التفصيل ولكن البطلان ينشأ ح من مخالفة المأتي به للمأمور به لا من فعل الزيادة وهو خلاف ظاهر النص وكلماته التي وقع فيها التعليل بالزيادة وقد يستدل أيضا لوجوب التسليم بقاعدة الشغل واستصحابه واستصحاب معنى الاحرامية والحبس الحاصل من تكبيرة الاحرام واستصحاب حكم الصلاة ومنافياتها واستصحاب في يجاد المخرج وغير ذلك وفي الجميع ما لا يخفى إذا المرجع في مثل المقام بعد فرض في لدليل هو البراءة وأصالة عدم وجوب التسليم وعدم وجوب ايجاد المخرج وهي حاكمة على الأصول المزبورة كما تقرر في محله نعم الظاهر أن مراد المستدل من معنى الاحرامية والحبس ليس مجرد حرمة منافيات الصلاة ما دام متشاغلا بها كي يكون الشك في بقائه مسببا عن الشك في بقاء موضع المستصحب والا لم يجعله قسيما للاستصحابات المزبورة فكأنه يرى أنه يحدث للمصلى بسبب التكبير حالة حضور وتوجه يضادها ايقاع المنافيات كاحرام الحج فما دام المصلي على هذه الحالة ولم يخرج عنها يحرم عليه ايجاد المنافيات سواء فرغ عن اجزاء الصلاة أم لا وذلك نظير ما لو كان الوقوف بحضرة السلطان وعرض الحاجات وقضائها مشروطا عنده بعدم الضحك عنده ما دام في مجلسه فكما ان الضحك بحضرته ولو بعد عرض حاجاته يفسد مكالماته السابقة فكذلك ما نحن فيه ولكنك خبير بأنه بعد تسليم الدعوى يتوجه عليه ان الشك في مقدار اقتضائه فلعل التكبير لا يقتضي هذه الحالة الا بمقدار أداء الصلاة ومعه لا مسرح للاستصحاب لما تقرر في محله من عدم اعتباره فيما عدى الشك في الرافع واستدل القائلون بالندب بعد الأصل المحجوج بما عرفت بجملة من الاخبار منها المستفيضة الدالة بظاهرها على جواز الانصراف بعد التشهد مثل صحيحة محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله (ع) التشهد في الصلاة قال مرتين قال قلت كيف مرتين قال إذا استويت جالسا فقل اشهد ان لا اله الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم تنصرف و صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل يصلي خلف الامام فيطول الامام بالتشهد فيأخذ الرجل البول أو يتخوف على شئ يفوت أو يعرض له وجع كيف يصنع قال يتشهد هو وينصرف ويدع الامام وصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم والفضيل عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته فإن كان مستعجلا في امر يخاف ان يفوته فسلم وانصرف اجزئه قال في المدارك في تقريب الاستدلال بهذه الصحيحة والمراد بالاجزاء الاجزاء في حصول الفضيلة والكمال كما يقتضيه أول الخبر انتهى وفيه ما لا يخفى فان هذه الصحيحة من أقوى الأدلة على وجوب التسليم فان قوله عليه السلام فإن كان مستعجلا إلى اخره ظاهر في وجوب التسليم حتى في مقام الضرورة والاستعجال وتفريعه على ما سبق بمنزلة التفسير لما اراده من مضى صلاته فإنه كأنه كاشف عن أن المراد به انه لم يبق عليه من صلاته عدى السلام الذي يؤتى به في اخر الصلاة فاطلاق المضي بلحاظ مضى معظمها جميعا حقيقة مع امكان ان يقال إن السلام وان كان جزء من الصلاة الا انه ليس في عرض ساير الاجزاء بل هو منزلة التوديع والتسليم الذي يؤتى به في اخر المحاورات والمكاتبات علامة لانقضاء مطالبها فيتضح بهذه الملاحظة في نفي جزئيته عن الصلاة معنى انه ليس من الاجزاء المعتبرة في الصلاة من حيث هي صلاة ومناجاة مع الخالق فمعنى قد مضت صلاته انقضت المناجاة مع الرب فعليها الانصراف بالتسليم الذي هو بمنزلة التوديع والحاصل ان صدر هذا الخبر لا يصلح ان يصرف ذيله عن ظاهره وهو وجوب التسليم بل يمكن ان يجعل هذا الرواية شاهدة على أن المراد بالانصراف المأمور به في الصحيحين الأولين هو التسليم إذ الظاهر أن عطف الانصراف على السلام في هذا الخبر من باب عطف التفسير فإنه لم يقصد بحسب الظاهر من قوله فسلم وانصرف اجزاء إرادة فعل اخر من الانصراف وراء التسليم فيظهر من ذلك ان الانصراف هو التسليم كما يشهد لذلك مضافا إلى ذلك ظهور بعض الأخبار في معروفية اطلاق الانصراف على التسليم كاطلاق الافتتاح على التكبير كخبر كهمس عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الركعتين الأوليتين إذا جلست للتشهد فقلت وانا جالس السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته انصراف هو قال لا ولكن إذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو الانصراف وفي صحيحة الحلبي قال قال أبو عبد الله عليه السلام كلما ذكرت الله عز وجل به والنبي صلى الله عليه وآله فهو من الصلاة وان قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فلقد انصرفت فلا تنافي ح بين الصحيحتين وبين ما دل على وجوب التسليم بل قد يقال بظهور الصحيحتين في حد ذاتهما في وجوب الانصراف وحيث لا واجب بعد التشهد فليحمل على إرادة التسليم ويمكن الخدشة فيه بكون الامر بالانصراف جاريا مجرى العادة فلا دلالة فيه على الوجوب مع وروده في مقام توهم الخطر فلا يفهم منه أزيد من الجواز ولكن الانصاف ان الصحيحة الأولى التي وقع فيها العطف بلفظه ثم لا تخلو عن ظهور في ذلك واما الصحيحة الثانية وان لم تكن كذلك الا انها مروية عن الفقيه الذي هو أضبط من التهذيب بل وعن موضع اخر من التهذيب أيضا أنه قال يسلم وينصرف كما وقع الجواب بهذا النحو عن مثل هذا السؤال في بعض الأخبار اخر فهذه الصحيحة أيضا على خلاف مطلوبهم أدل فضلا عن صلاحيتها للمعارضة لما عرفت هذا كله مع أن الخصم لا يقول بجواز الانصراف بعد الشهادتين كما هو مضمون الصحيحة الأولى والثالثة فكما يصح تقييده يقال صلاة على محمد واله كذلك يصح تقييده بالتسليم واضعف من الاستدلال بالاخبار المزبورة للقول بعدم الوجوب الاستدلال له بموثقة يونس بن يعقوب قال قلت لأبي الحسن (ع) صليت بقوم صلاة فقعدت للتشهد ثم قمت فنسيت ان اسلم عليهم فقالوا ما سلمت علينا فقال (ع) ألم تسلم وأنت جالس قلت بلي قال فلا بأس عليك ولو نسيت حين قالوا لك ذلك استقبلتهم بوجهك وقلت السلام عليكم إذ الظاهر أن كلمة بلى تصديق لما بعد النفي نظير قوله تعالى الست بربكم قالوا بلى فالسلام المنسى هو السلام على الجماعة لا مطلق السلام الذي يجب الاتيان به حال جلوسه واحتمال كونها تصديقا للنفي مع مخالفته لظاهر كلمة بلى كما صرحوا به في محله يدفعه عدم ملائمته للمقام إذ لا يناسبه ح نفي البأس عنه والا لم يكن وقع للاستفصال فظاهر هذه الرواية بمقتضى الاستفصال ثبوت الباس بترك التسليم ولو مع النسيان فهذه الرواية أيضا على خلاف مطلوبهم أدل ثم إن لفظ الموثق المذكور نقل عن نسخ التهذيب على المنهج المزبور ولكن الظاهر كما نبه عليه غير واحد ان قوله ولو نسيت من تصرف النساخ وانه في الأصل ولو شئت كما يشهد لذلك كونه مذكورا في قرب الإسناد على ما نقل عنه بلفظ ولو شئت بدل ولو نسيت واستدلوا أيضا بالمستفيضة الدالة على عدم بطلان الصلاة ايجاد المنافي قبل التسليم كرواية الحسن بن الجهم قال سألت
(٣٧٧)