وهي اكمة محددة الرأس وقيل النباك التلال الصغار ورواية أخرى للحسين بن حماد أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له أضع وجهي على حجر أو على موضع مرتفع أحول وجهي إلى مكان مستو فقال نعم جر وجهك على الأرض من غير أن ترفعه لامكان حملهما على الاستحباب أو حملهما على مرتفع يصح معه السجود فلا يجوز الرفع حينئذ لاستلزامه الزيادة المبطلة بل يجر جبهته ان أراد مكانا مستويا لتحصيل الفضيلة فما في المدارك من المنع عن الرفع فيما هو محل الكلام مستدلا عليه بالصحيحة المزبورة بعد المناقشة في الرواية الأولى بضعف السند ضعيف لانجبار ضعف سنده بالشهرة بل عدم معروفية الخلاف في المسألة عمن عداه وبعض من تأخر عنه واما لو وضع جبهته على ما لا يصح السجود عليه لنجاسته أو كونه من غير الأرض ونباتها فقد صرح غير واحد من مشائخنا رضوان الله عليهم بوجوب جر الجبهة وعدم جواز رفعها ووضعها ثانيا على ما يصح السجود عليه لاستلزامه الزيادة المبطلة خلافا لصاحب الحدائق فجوز الرفع في هذه الصورة أيضا بل نسبه إلى الأصحاب من غير خلاف يعرف فيه الا من صاحبي المدارك والذخيرة واعترضه في الجواهر بعد ان أوجب الجر في هذه الصورة بخلاف ما لو سجد على مرتفع بان ما نسبه إلى الأصحاب غير ثابت بل صرح الفاضلان وغيرهما بوجوب الجر ههنا وفرق بين الصورتين بان السجود على المرتفع ليس بسجود عرفا فالرفع لا يستلزم زيادة السجود بخلاف السجود على النجس ونحوه وقد أشرنا انفا إلى أن التفرقة بينهما بهذا الوجيه غير وجيه فان انكار صدق اسم السجود عرفا على السجود على المرتفع مكابرة ولذا اعترف شيخنا المرتضى بان السجود عرفا أعم ولكن الذي اعتبره الشارع في الصلاة أخص والبطلان يترتب على زيادة الأخص الذي اعتبره الشارع في الصلاة لا الأعم كما في الركوع وفرق بين السجود على المرتفع والسجود على النجس ونحوه بما لفظه واما وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه لطهارته وكونه من الأرض فهو امر خارج عن حقيقة السجود بل هو من شروط المسجد كطهارة مكان المصلي على القول به وليس واجبا من واجبات الصلاة أيضا لعدم كونه فعلا خارجيا من افعال الصلاة وانما هو شرط من شروط المكان الخاص أعني مكان الجبهة ولذا ذكر ذلك الفقهاء في مقدمات الصلاة فإذا وضع جبهته على ما لا يصح السجود عليه فقد اتى بحقيقة السجدة ووجوب وضعه على ما يصح انما هو لتحصيل (شرط) المسجد فهذا الوضع الثاني ليس محصلا لمفهوم السجود وانما هو محصل لخصوصية الوضع الحاصل أولا الذي هو السجود والفرق بين الوضع الثاني المحصل لتساوي المسجد والموقف والوضع الثاني المحصل لكون السجود على ما يصح السجود عليه في كون الأول محصلا للسجود الصلواتي بعد ان لم يحصل وكون الثاني محصلا لشرطه بعد حصوله هو ان الوضع الثاني في الأول موجد لهيئة أخرى لأصل الانحناء السجودي فهو صورة أخرى من صورة الانحناء غير الحاصلة أولا والتي لم يكن هي الفعل المأمور به في الصلاة بخلاف الوضع الثاني في الثاني فإنه ليس موجد الهيئة أخرى بل هو نفس ذلك الفعل الأول وانما يتفاوت بصفة المسجد فنسبة الوضع الثاني في الأول إلى السجود كنسبة الانحناء الزائد على مسمى الانحناء إلى الركوع حيث إنه يحصل لأجل فعل الركوع ونسبة الوضع الثاني (في الثاني) إليه كنسبة الاستقرار والطمأنينة في الانحناء الركوعي فافهم ذلك انتهى كلامه رفع مقامه أقول بعد تسليم صدق السجود عرفا على الوضع على المرتفع يشكل التفرقة بين الصورتين فإنه يعتبر في السجود وقوع الجبهة على الأرض بالانحناء فكما ان الشارع اعتبر في سجود الصلاة حصول الوضع عن انحناء خاص كذلك اعتبر وقوعه على موضع خاص وليس التكليف بتحصيل شرط المسجد عند تحقق أصل السجود تكليفا مغائرا للتكليف بأصل السجود حتى يسقط الثاني ويبقى الأول كما في الطمأنينة والاستقرار والأذكار الواجبة في الركوع والسجود التي هي افعال خارجية خارجة عن حقيقتهما بل هو منتزع من الامر بالسجود على الموضع الطاهر فما لم يتحقق هذا المفهوم لم يتحقق السجود الصلاتي (فلا يسقط طلبه بوضع جبهته على ما لا يصح السجود عليه فلو رفع الرأس عنه وسجد الثانية لا يلزم منه زيادة السجود الصلاتي) كما في الصورة الأولى وعلى تقدير تسليم الصدق فالذي يتصف بوقوعه زائدا هو الأول الذي لم يكن حين وقوعه موصوفا بهذه الصفة وقد أشرنا إلى أن مبطلية مثل هذه الزيادة التي نشأت من تدارك المأتى به صحيحا لا يخلو عن نظر فالقول بجواز الرفع في هذه الصورة أيضا لا يخلو عن قوة كما أشار إليه العلامة الطباطبائي في منظومته بقوله * وواضح الجبهة فيما يمتنع * يجرها جرا ومن رفع منع * فإنه يستلزم الزيادة * وانها تخل بالعبادة * وقيل جاز الرفع إذ لم تسجد وليس الا صورة التعدد وهو قوي وعلى الفضل حمل أو طلب الأفضل منع قد نقل بناء على ارادته بما يمتنع ما يعم هذه الصوة كما هو الظاهر لا خصوص السجود على المرتفع وربما يستشهد للجواز أيضا بالخبر المروي عن كتاب الغيبة للشيخ والاحتجاج للطبرسي عن محمد بن أحمد بن داود القمي قال كتب محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري إلى الناحية المقدسة يسئل عن المصلي يكون في صلاة الليل في ظلمة فإذا سجد يغلط بالسجادة ويضع جبهته على مسح أو نطع فإذا رفع رأسه وجد السجادة هل يعتد بهذه السجدة أم لا يعتد بها فوقع عليه السلام ما لم يستو جالسا فلا شئ عليه في رفع رأسه لطلب الخمرة وفي دلالته على المدعى بعد الغض عن سنده تأمل بل لعله على خلاف المطلوب أدل كما يتضح ذلك بشرح الحديث فأقول يستشعر من الجواب ان الشبهة التي أوقعته في السؤال استلزام رفع الرأس لطلب الخمرة محذور تعدد السجدة على تقدير صحة الأول فكان السؤال وقع عن انه بعد ان وضع جبهته على ما لا يصح السجود عليه اشتباها فهل يصح سجوده ويمضي فيه وليس له رفع رأسه لطلب الخمرة لاستلزامه تعدد السجدة أم لا يعتد به فيعيده فقوله إذا رفع رأسه وجد السجادة شرطية بمعنى ان فاجابه الإمام عليه السلام بان رفع الرأس المنوي به طلب الخمرة ما لم ينته إلى حد الاستواء جالسا غير قادح فيستشعر من التقييد ان وجه في لقادحية عدم كون الرفع المنوي به تحصيل شرط السجود عند عدم تجاوزه عن قدر الحاجة وانتهائه إلى حد الاستواء جالسا موجبا لتكرر السجود بل الثاني تكملة للأول لا انه سجدة مستقلة مغائرة للأولى كما لا يبعد مساعدة العرف عليه فعلى هذا تكون الرواية منافية للمدعى وان اقتضت جواز الرفع في الجملة كما لا يخفى فالانصاف ان الالتزام بجواز الرفع مع عدم كون ما يصح السجود من مقومات اسمه شرعا وعرفا بل هو من الشرائط الاختيارية له
(٣٤٦)