لا يظن بأحد منهم إرادة انحصارها في خصوص هذا الجزء بل بيان طرفيها من الأعلى والأسفل أو الإشارة إلى العضو المعروف كما في عبارة اللغويين والا فهو محجوج بكلمات غيرهم من العلماء واللغويين ممن أوكلها إلى العرف ضرورة انها في العرف أوسع من ذلك والحاصل انه لا يظن بأحد من العلماء تخصيص بالجبهة بخصوص الجزء المسامت لطرف الانف فضلا عن أن يكون اجماعيا كي يجعل ذلك دليلا على تخطئه العرف والتصرف في ظواهر الأدلة فالحق ما عرفت ويكفي في السجود على الجبهة حصول مسماه ولو بوضع شئ منه مما يتحقق به عرفا اسم السجود على الجبهة ولا يعتبر فيه الاستيعاب على المشهور بل في الحدائق وغيره دعوى الاتفاق عليه ويشهد له مضافا إلى الاجماع قوله عليه السلام في صحيحة زرارة الواردة في أن المريض كيف يسجد فاسجدوا على المروحة والسواك وعلى عود مضافا إلى المستفيضة المتقدمة انفا التي هي صريحة في المدعى مع ما في بعضها كخبر يزيد بعد ان قال الجبهة إلى الانف اي ذلك أصبت به الأرض في السجود أجزاك صرح بان السجود عليه كله أفضل فينهض مثل هذا الخبر شاهدا لمجمع بين تلك الأخبار وبين صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن المرأة تطول قصتها فإذا سجدت وقعت بعض جبهتها على الأرض (وبعض يغطيه الشعر هل يجوز ذلك قال لا حتى تضع جبهتها على الأرض) فيحمل هذه الرواية على في لاجزاء في الفضل ويحتمل ان يكون محط النظر في الوجوب ان من كانت هذه صفته ربما تحول قصته عن وصول جبهتها إلى الأرض فالمراد بقوله لا حتى يضع جبهتها على الأرض انه لا يجزيها حتى ترفع الحاجب بحيث يحصل لها الوثوق بوضع جبهتها على الأرض ولو مسماه مفروضا في السؤال بعد ان الغالب عدم حصول الوثوق به حال السجود ما لم تتعمد في ازالته وكيف كان فلا يصلح هذه الصحيحة بعد قبولها للتأويل ومخالفة ظاهرها للمشهور أو المجمع عليه لمعارضة ما عرفت فما عن الإسكافي والحلي من كفاية مقدار الدرهم لمن بجبهته علة المشعر أو الظاهر في لزوم الاستيعاب للصحيح ضعيف جدا ويتلوه في الضعف ما عن الفقيه والدروس والذكرى من اعتبار مقدار الدرهم ناسبا له في الثالث إلى كثير من الأصحاب محتجا عليه بتصريح الخبر به فيحمل المطلق من الاخبار وكلام الأصحاب على المقيد وأشار الخبر على ما ذكره في الجواهر إلى صحيحة زرارة المتقدمة التي هي على خلافه أدل فان قوله عليه السلام أيما سقط من ذلك إلى الأرض أجزاك مقدار الدرهم أو مقدار طرف الأنملة ظاهر في إرادة كفاية مسماه وان قوله أجزأك مقدار الدرهم وطرف الأنملة للتنصيص على التعميم المذكور فيه أولا لا التخصيص كما يفصح عن ذلك الجمع بين المقدارين إذ لو كان المقصود به بيان اعتبار مقدار الدرهم لكان الاكتفاء بمقدار طرف الأنملة الذي هو أقل منه منافيا له فتخصيص مقدار الدرهم أو مقدار طرف الأنملة بلحاظ انه أقل ما يتفق حصوله عادة عند وضع الجبهة على الأرض لا انه لو اتفق حصوله بأقل من ذلك لا يجزي اللهم الا ان يتأمل في كفاية من حيث صدق السجود على الأرض فان صدقه على الأقل من طرف الأنملة بل على هذا المقدار أيضا لولا التصريح به في الرواية لا يخلو عن خفاء والحاصل ان هذه الرواية بنفسها مؤكدة لاطلاق غيرها من الاخبار بل صريحة في كفاية طرف الأنملة الذي هو أقل من مقدار الدرهم فلا تنهض دليلا للقول المزبور نعم ربما يظهر اعتبار مقدار الدرهم وان الأقل منه لا يجزي من الخبر المروي عن دعائم الاسلام عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال أقل ما يجزي ان يصيب الأرض من جبهتك قدر درهم وعن الفقه الرضوي أنه قال ويجزيك في موضع الجبهة من قصاص الشعر إلى الحاجبين مقدار درهم ولكن الخبرين لقصورهما سندا لا ينهضان دليلا الا للاستحباب من باب المسامحة مع أنه هو الذي يقتضيه الجمع بينهما وبين الصحيحة المتقدمة المصرحة بكفاية طرف الأنملة الذي هو أقل من الدرهم كما لا يخفى واما الكفان فهما من الزندين إلى رؤس الأصابع لأنه هو المتبادر من اطلاقهما ودعوى ظهور الكف عرفا في ما فوق الأشاجع ممنوعة بل هو كذلك عند أهل الفرس الذين يستعملون لفظ الكف في الراحة لا في كلمات العرب ولو سلم شيوع اطلاقه في عرف العرب أيضا على ذلك فليس على وجه يصلح لتقييد اطلاق اليد الواردة في أغلب الاخبار بذلك لأن احتمال إرادة مجموع ما دون الزند من لفظ الكف أقوى من احتمال إرادة خصوص الراحة من اطلاق اليد فلا يصلح ما وقع فيه التعبير بالكفين الا لتقييد اليد الواردة في سائر الروايات بما دون الزند لا بخصوص الراحتين بل قد أشرنا إلى أن المتبادر من اطلاق الكف أيضا ليس الا المجموع نعم ربما يظهر من قوله عليه السلام في الخبر المتقدم المروي عن تفسير العياشي ان القطع يجب ان يكون من أصول الأصابع فيترك الكف ان الكف اسم لما فوق الأشاجع كما أنه يستشعر من التعليل الذي وقع فيه بان ما كان لله لا يقطع ان خصوص ما يبقى بعد القطع هو المراد باليد التي يسجد عليها إذ المتبادر منه إرادة ان ما كان لله لا يقع عليه القطع أصلا لا انه لا يقطع من أصله الا ان الانصاف عدم بلوغه إلى حد الدلالة بل غايته الاشعار فلا يصلح دليلا لصرف اطلاق اليد الواردة في سائر الروايات إلى ارادته بالخصوص مع ما فيه من ضعف السند ومخالفته للمشهور إذ لم ينقل القول باختصاص موضع السجود بما فوق الأصابع عدى ما حكى عن العلامة في بعض كتبه من التعبير عما يجب السجود عليه من اليد ببطن الراحة ولعل مراده بهذا التعبير وجوب كونه بباطن اليد لا بظاهرها كما يؤيد ذلك ما سيأتي حكايته عنه من نسبة وجوب تلقي الأرض ببطون راحته إلى ظاهر الأصحاب وعلى تقدير ارادته بالخصوص فهو ضعيف محجوج بما عرفت وهل يتعين وضع باطن الكفين أم يجوز وضع ظاهرهما وجهان من اطلاق النصوص وأكثر الفتاوي ومن أن المنساق إلى الذهن والمتعارف في الوضع عند السجود هو الباطن بل لا يبعد ان يدعى انه هو المتبادر من الامر بوضع اليدين على الأرض الوارد في كثير من اخبار السجود في حد ذاته مع قطع النظر عن معهوديته لدى المتشرعة كما في باب التيمم فهذا الوجه مع أنه أحوط لا يخلو عن قوة وربما يؤيده أيضا ما حكى عن الذكرى من الاستدلال عليه بعد ان نسبه إلى أكثر الأصحاب بالتأسي بالنبي وأهل بيته عليه وعليهم السلام بل عن نهاية الاحكام والذكرى ان ظاهر علمائنا وجوب تلقي الأرض ببطون راحته وكيف كان فان تعذر الباطن سجد على الظاهر كما صرح به بعض إذ لو سلمنا
(٣٤١)