ذلك غير قابل للانكار وكن يجب رفع اليد عن هذا الظاهر جمعا بينها وبين صحيحة هشام بن سالم المروية عن الكافي والتهذيب سئل أبا عبد الله عليه السلام يجزي عني ان أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود لا إله إلا الله والحمد لله والله أكبر قال نعم كل هذا ذكر الله ولفظ الحمد لله ليس في رواية الكافي وانما هو في التهذيب وصحيحة هشام بن الحكم المروية عن التهذيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له أيجزي ان أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود لا إله إلا الله والحمد لله والله أكبر قال نعم كل هذا ذكر وعن الكافي في الصحيح أو الحسن نحوه الا أنه قال قال أبو عبد الله عليه السلام ما من كلمة أخف على اللسان منها ولا أبلغ من سبحان الله قال قلت يجزي في الركوع ان أقول مكان التسبيح الحديث وهذان الخبران مع صراحتهما في المدعى قد يلوح منهما وجه تعلق الامر بخصوص التسبيح في تلك الأخبار المشعرة والظاهرة في وجوبه عينا لما فيهما من الإشارة إلى أن التسبيح هو الذي جرت السنة على الاتيان به وثبت في أصل الشرع فتلك الأخبار منزلة على وفق ما هو جرت السنة به وتعارف استعماله في الشريعة وقد دلت الصحيحتان على أن خصوصيته ليست من مقومات شرعية فيجوز ابداله بذكر اخر فلا منافاة بين الروايات وكيف كان فالأخبار الواردة في التسبيح غايتها الظهور في تعينه وهو لا يصلح لمعارضة النص الصحيح كما لا يخفى وقضية ما في الخبرين من التعليل بان كل هذا ذكر انما هو كفاية كل ذكر فالقول به كما هو المشهور بين المتأخرين أقوى من حيث المستند ولكن مع ذلك فيه تردد فان عدم التزام أكثر القدماء به واشتهار القول بتعين التسبيح فيما بينهم حتى أنه جعله في محكى الانتصار من متفردات الإمامية وعن الغنية وغيره نسبة إلى اجماعهم مع صحة مستند القول بالكفاية وصراحته وسلامته عن المعارض تورث الوسوسة في النفس بحيث يمنعها عن التعويل على الخبر خصوصا مع موافقته للعامة ولا يجدي اشتهار العمل به بين المتأخرين في رفع هذه الوسوسة لاختفاء القرائن المقتضية لطرح الخبر عليهم غالبا ولكن قد سمعت حكاية القول بالكفاية عن الشيخ وغيره بل عن الحلي دعوى الاجماع عليه فيحتمل ان يكون مراد القائلين بتعين التسبيح في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية تعينه من حيث التوظيف في أصل الشرع في مقابل أبي حنيفة والشافعي واحمد المنكرين لاستحباب هذا التسبيح المعروف بين الإمامية على ما قيل كما ربما يؤيد ذلك ما حكى عن الأمالي انه جعل من دين الإمامية الاقرار بان الذكر في الركوع والسجود ثلاث تسبيحات وان من لم يسبح فلا صلاة له الا ان يهلل أو يكبر أو يصلي على النبي صلى الله عليه وآله بعدد التسبيح فان ظاهره كون الاستثناء أيضا من دين الإمامية فالانصاف انه لم يتحقق اعراض القدماء عن الخبرين بحيث يسقطهما عن الاعتبار فالالتزام بمفادهما وهو كفاية كل ذكر أشبه بالقواعد ثم لا يخفى عليك ان مفاد الخبرين ليس الا ان كل ذكر يجزي مكان التسبيح واما انه يجتزي به مطلقا ولو بمسماه فلا يفهم منهما إذ ليس لهما اطلاق من هذه الجهة لورودهما مورد حكم اخر فما توهمه غير واحد من كفاية مسمى الذكر اخذا باطلاق التعليل ضعيف مع أنه على تقدير تسليم ظهوره في الاطلاق وجب تقييده بكون الذكر بقدر ثلاث تسبيحات جمعا بينه وبين رواية مسمع بن أبي سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال يجزيك عن القول في الركوع والسجود ثلاث تسبيحات مترسلا أو قدرهن وليس له ولا كرامة ان يقول سبح سبح سبح فإنه ظاهر في كونه أقل المجزي وأوضح منه دلالة عليه روايته الأخرى أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يجزي الرجل في صلاته أقل من ثلاث تسبيحات أو قدرهن وربما يستدل بهذين الخبرين أيضا لكفاية مطلق الذكر وفيه تأمل لاجمال لفظ قدرهن واحتمال ان يكون المراد به التسبيحة الكبرى ثم إن ظاهر هذين الخبرين كجملة من الأخبار المتقدمة بل كاد ان يكون صريح بعضها انه لا يجزي في الركوع أقل من ثلاث تسبيحات وهو ينافي ما في بعض الأخبار المتقدمة كصحيحتي علي بن يقطين من الصريح بكفاية تسبيحة واحدة ويرتفع التنافي بينها بأحد وجهين اما بحمل هذه الأخبار على الاستحباب وإرادة عدم كون الأقل من الثلاث مجزية في تأدية السنة وتحصيل الصلاة الكاملة كما ربما يؤيده ما في بعض الأخبار المتقدمة من أن من نقص واحدة نقص ثلث صلاته ومن نقص ثلثين نقص ثلثي صلاته ومن لم يسبح فلا صلاة له وقد حكى الالتزام به عن بعض أو بحمل الواحدة على التسبيحة الكبرى وهذا هو الأولى بل هو المتعين فان ارتكاب التأويل في مثل الاخبار التي ورد فيها انه لا يجزي أقل من الثلث أو انه أدنى ما يجزي أو انه أخف ما يكون بالحمل على الاستحباب بعيد بخلاف حمل التسبيح على إرادة التسبيحة الكبرى التي لعلها كانت أشيع استعمالا وأوفق بما جرى به السنة هذا مع وجود الشاهد له في الاخبار فان الأخبار الواردة في التسبيح على انحاء منها ما ورد في التسبيحة الكبرى وهي عدة اخبار بعضها صريح وبعضها ظاهر في أن الفريضة منها واحدة والسنة في الثلاث وفي بعضها الامر بالثلاث ولكنه يحمل على الاستحباب بشهادة النص ومنها ما ورد في التسبيحة الصغرى كصحيحة معاوية وموثقة سماعة وظاهرها بل كاد ان يكون صريح أوليهما انه لا يجزي سبحان الله أقل من ثلاث مرات ومنها ما ورد في التسبيح على اجماله وهي أيضا عدة اخبار يظهر من أغلبها انه لا يجزي أقل من ثلاث تسبيحات ومن بعضها ان تسبيحة واحدة مجزية والثلاث سنة فمقتضى قاعدة الجمع ان يجعل الطائفتان الأوليتان الواردتان في الصغرى والكبرى مبينتين لما في هذه الروايات من الاجمال مضافا إلى ظهور قوله عليه السلام في صحيحة زرارة ثلاث تسبيحات في ترسل وواحدة تامة تجزي في ذلك إذ الظاهر من التامة خصوصا بعد الالتفات إلى تعارف كلتا الصيغتين وورودهما في الروايات هي الكبرى كما يؤيده أيضا جعل الثلاث والواحدة في قالب الاجزاء فإنه يقتضي عدم ادراج الواحدة في الثلاث ثم إن الظاهر جزئية كلمة وبحمده للتسبيحة الكبرى فلا يجتزي بالاتيان بها بدونها الا ان يأتي ببدلها حتى يعادل ثلاث تسبيحات فيجتزي بها حينئذ من باب مطلق الذكر لا التسبيح الموظف فان هذه الكلمة وقعت جزء منها في أكثر الاخبار المتضمنة لهذا الذكر الخاص مما وقع نبه حكاية الفعل أو القول فعن حاشية المدارك للمحقق البهبهاني انها مذكورة في تسعة اخبار وهي صحيحة زرارة وصحيحة حماد وصحيحة عمر بن أذينة المروية في الكافي في علل الأذان وهي طويلة ورواها الصدوق في العلل بطرق متعددة ورواية إسحاق بن عمار المروية في العلل عن الكاظم في باب علة كون الصلاة ركعتين ورواية هشام بن الحكم عن الصادق عليه السلام في ذلك
(٣٣٢)