في ايضاحها فان غاية ما يمكن ادعائه حصول الظن باتحاد المراد من معاقد الاجماعات المحكية وان معقدها بلوغ الراحتين وهو لا يجدي في تحصيل الاجماع والتعويل عليه خصوصا بعد الالتفات إلى تصريح بعض المتأخرين بكفاية وصول رؤس الأصابع بل عن المحدث المجلسي في البحار انه مذهب الأكثر ولكن لا يبعد ان يكون منشأ هذه النسبة استظهاره من عبائر من عبر بوضع اليدين على الركبتين وهو لا يخلو عن تأمل كما تقدمت الإشارة إليه وكيف كان فقد استدل بعض من صرح باعتبار وبلوغ الراحتين وعدم كفاية ما دونه بالاجماعات المنقولة المستفيضة بعد ارجاع بعضها إلى بعض بشهادة بعض القرائن التي تقدمت الإشارة إليها وفيه ما عرفت واستدل له أيضا بعض الأخبار الآتية بدعوى ظهورها في ذلك وستعرف ما فيه واستدل القائلون بوجوب ان ينحني بقدر ما يمكن وضع يديه أو كفيه أو بلوغ راحتيه إلى ركبتيه على اختلاف تعابيرهم التي قد أشرنا إلى أن الغالب على الظن إرادة الجميع التحديد ببلوغ الراحتين كما جزم بذلك بعض من تقدمت الإشارة إليه بما رواه الجمهور عن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ركعت فضع كفيك على ركبتيك وبما روى أنه كان يمسك راحتيه على ركبتيه كالقابض عليهما وبقاعة الاشتغال وتوقيفية العبادة وان النبي صلى الله عليه وآله يركع كذلك فيجب التأسي به بما في الصحيح الحاكي لفعل الصادق عليه السلام تعليما لحماد ثم ركع وملا كفيه من ركبتيه إلى أن قال عليه السلام يا حماد كذا صل وبصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال إذا أردت ان تركع فقل وأنت منتصب الله أكبر ثم اركع وقل اللهم لك ركعت إلى أن قال وتصف في ركوعك بين قدميك تجعل بينهما قدر شبر وتمكن راحتيك من ركبتيك وتضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى وبلغ بأطراف أصابعك عين الركبة الحديث وبصحيحته الأخرى أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا ركعت فصف في ركوعك بين قدميك تجعل بينهما قدر شبر وتمكن راحتيك من ركبتيك وتضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى وبلغ بأطراف أصابعك عين الركبة وفرج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك فان وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك اجزءك ذلك وأحب إلي ان تمكن كفيك من ركبتيك فتجعل أصابعك في عين الركبة وتفرج بينهما والخبر المروي عن المعتبر والمنتهى عن معاوية بن عمار ومحمد بن مسلم والحلبي قالوا بلغ بأطراف أصابعك عين الركبة فان وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك اجزءك ذلك وأحب إلي ان تمكن كفيك من ركبتيك وفي الجميع نظر اما النبوي فبعد الغض عن سنده ان ظاهره وجوب وضع الكفين على الركبتين فعلا لا تقديرا فان أمكن الالتزام بهذا الظاهر صح الاستدلال عليه بوجوب هذا المقدار من الانحناء في الركوع من حيث دلالته عليه بالالتزام ولكنك ستسمع عن غير واحد دعوى الاجماع على عدم اعتبار وضع الكفين على الركبتين في الركوع وانه مستحب فحينئذ ليس حمل قوله صلى الله عليه وآله ضع كفيك على ركبتيك على إرادة الانحناء بمقدار يمكنه ذلك أولى من حمله على الاستحباب بل هذا أولى ومن هنا يظهر أيضا ضعف الاستشهاد له بالمرسل الآخر وبصحيحة حماد الحاكية لفعله عليه السلام فإنه وان أمكن ان يقال بصحة الاستدلال بمثل هذه الأخبار الحاكية لفعلهم عليهم السلام للوجوب بضميمة ما دل على وجوب التأسي بهم في الصلاة وخصوص قوله عليهم السلام في ذيل الصحيحة هكذا صل وان لا يخلو عن تأمل ولكنه بعد ثبوت استحباب هذه الكيفية لا يبقى للفعل دلالة على أن الانحناء البالغ إلى هذا الحد من حيث هو لا من حيث توقف هذا الفعل المستحب عليه كان متعلقا للغرض حتى يمكن استفادة وجوبه من حيث هو من هذا الخبر وهكذا الكلام في سائر الروايات فان تمكين الراحتين الذي تعلق به الامر في تلك الروايات ليس الا على سبيل الاستحباب كما يشهد به سوق تلك الأخبار ويدل عليه صريحا ما في ذيل الخبرين الأخيرين فلا يمكن استفادة وجوب الانحناء البالغ إلى الحد الذي يتمكن معه من فعل هذا المستحب من تلك الروايات كما هو واضح واضعف منها الاستدلال بقاعدة الشغل وتوقيفية العبادة لما أشرنا إليه مرارا من أن المرجع في موارد الشك البراءة لا الاحتياط واستدل للقول بوصول أطراف الأصابع بقوله عليه السلام في ذيل الخبرين الأخيرين فان وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك وأجيب عنه بمخالفة ظاهره للاجماع فلا يعول عليه وفيه ما عرفت وأجيب أيضا بان ظاهر الخبر وصول أطراف مجموع الأصابع حتى الابهام ويلزمه عادة الانحناء الذي يتمكن معه من ايصال الجزء الأول من الراحتين المتصل بأصول الأصابع إلى الركبتين وان لم يتمكن من وضع المجموع عليهما فهذا الخبر لا ينافي الا القول بوجوب وصوله إلى حد يمكنه تمكين الراحتين منهما وهو ضعيف محجوج بالنص دون القول ببلوغهما الصادق بوصول أول جزء منهما إلى أول جزء من الركبتين كما لعله المشهور وفيه ان إرادة مجموع الأصابع حتى الابهام خلاف ما ينصرف إلى الذهن من هذا التعبير نعم يمكن ان يناقش في أصل الاستدلال بامكان ان يكون المراد بقوله فان وصلت أطراف أصابعك الخ كون وصول أطراف الأصابع إلى الركبتين مجزيا عن تمكين الكفين ووضعهما على الركبتين حال الركوع الذي وقع التصريح باستحبابه في الروايتين فلا دخل له بتحديد مقدار الانحناء ولا منافاة بينه وبين ان يكون الانحناء المعتبر في الركوع أزيد مما يتمكن معه من ايصال أطراف الأصابع الا ان يدعى ان المنساق إلى الذهن إرادة ان ذلك يجزيك في ركوعك لا في الخروج عن عهدة التكليف بوضع اليدين حاله فالمتبادر منه إرادة تحديد مقدار الانحناء المعتبر في الركوع لا كيفية وضع اليدين المطلوب حاله وهو لا يخلو عن تأمل فالانصاف ان استفادة حد الركوع من الاخبار المزبورة محل تأمل نعم يمكن استفادة حد الركوع وان العبرة بان ينحني بقدر ما يمكن وضع يديه على ركبتيه من موثقة عمار الواردة في ناسي القنوت عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل ينسى القنوت في الوتر أو غير الوتر قال ليس عليه شئ وقال وان ذكره وقد اهوى إلى الركوع قبل ان يضع يديه على الركبتين فيرجع قائما وليقنت ثم يركع وان وضع يده على الركبتين فليمض في صلاته إذ المقصود بهذه الرواية بيان انه يرجع ما لم يدخل في الركوع ومتى دخل في الركوع يمضي ولا يرجع فهذه الموثقة بمنزلة الشرح لموثقته الأخرى أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إن نسي الرجل القنوت في شئ من الصلاة
(٣٢٦)