مصداقا لقرائة بسملة الجحد الا ترى انه لو قال في أثناء الصلاة وجاء رجل من أقصى المدينة قاصدا به حكاية كلام الله النازل في سورة يس صدق عليه قراءة القرآن واما لو قصد به الاخبار أو حكاية كلام شخص اخر اندرج في كلام الآدميين المبطل لصلاته ولا يجديه ضم ما يمحضه للقرآنية في انقلاب هذا الجزء وصيرورته حكاية كلام الله بعد ان لم يكن كذلك حين صدوره وكذا لو قلنا بان قراءة العزيمة مطلقا حتى بسملتها مبطلة للفريضة فلو بسمل بقصد العزيمة تبطل صلاته وان بدأ له بعد قراءة البسملة ان يجعلها جزء من سورة أخرى بخلاف عكسه فلا يقاس ذلك بأجزاء المركبات الخارجية المشتركة بينها وبين غيرها مما لا مدخلية للقصد في قوام ذاتها الصالحة من حيث هي للجزئية كالخل الذي يتركب منه السكنجبين والاطريفل أو القائمة المشتركة بين قائمة السرير والباب إذ الجزء في المثال هو ذات الخل أو القائمة من حيث هي بخلاف مثل المقام الذي لا يصلح الجزء للجزئية الا مع اقترانه بالقصد اي قصد حكاية خصوص البسملة الشخصية التي هي جزء هذه السورة لا قصد جعلها جزء منها في مقام الحكاية كي يقال إن قصد الغاية لا يعقل ان يكون من مشخصات الشئ ومقوماته فان صدق قراءة بسملة هذه السورة لا يتوقف على هذا القصد بل على الأول والحاصل انه لا يعتبر في صلاحية البسملة للجزئية من سورة أو خطبة ونحوها ايجادها بقصد جعلها جزء من تلك السورة أو الخطبة لا في مقام الانشاء ولا في مقام الكتابة ولا في مقام الحكاية ولكن يعتبر في صدق قراءة بسملتها ان يكون خصوص البسملة التي أنزلها الله تعالى جزء منها مقصودا بالحكاية كما أنه يعتبر في صدق قراءة البسملة المكتوبة في اللوح المنقوش فيه احدى السور مثلا ان يكون خصوصها مقصودا بالقراءة هذا محصل ما افاده قدس سره في تقريب الوجه الأول مع مزيد توضيح وتقريب إلى الذهن ثم قال في تقريب الوجه الثاني ما ملخصه انه لو سلمنا عدم مدخلية قصد حكاية الشخص في صيرورة البسملة جزء من السورة على حد سائر المركبات الخارجية فنقول إذا قرء البسملة بقصد كونها جزء من سورة التوحيد يصدق عليه انه اتى بجزء من سورة التوحيد ولم يأت بجزء من سورة الجحد فإذا ضم إليها باقي سورة الجحد وان أوجب ذلك صدق سورة الجحد على المجموع المجتمع في الذهن من الاجزاء الموجودة تدريجا ولكنه لا يوجب ان يصدق على الفعل المتقدم انه قراءة جزء من سورة الجحد اي لا يوجب صدق كونه مشغولا بقراءة سورة الجحد حين اشتغاله بهذا الجزء كي يجتزي به في مقام الإطاعة كما لو امر المولى عبده بالاشتغال بنحت السرير في قطعة من الزمان فإذا اشتغل في بعض ذلك الزمان بنحت قائمة بقصد قائمة الباب لا يجديه الاتيان ببقية الأجزاء بنية السرير في حصول الإطاعة ويرد على هذا الوجه انه ان أريد انه بعد الضم أيضا لا يصدق عليه انه قرء سورة كذا وان صدق عليه انه تلفظ بجميع اجزائها بدعوى ان قراءة الشئ عرفا أخص من مطلق التلفظ به كما يظهر ذلك من جملة من كلماته التي طوينا ذكرها ففيه ان مرجعه إلى الوجه الأول من أن للقصد دخلا في قوام جزئيتها لوجودها الحائي وسيأتي الكلام فيه وان أريد انه لما لم يكن حال حصولها عنوان جزئيتها بسورة الجحد مقصودا للمتكلم لا يصح وقوعها جزء لسورة الجحد في مقام امتثال الامر بقراءة هذه السورة كما يظهر ذلك من تمثيله بقائمة السرير ففيه ان هذا انما يقدح في حصول إطاعة الامر بقراءة سورة الجحد لو كانت هذه السورة بهذا العنوان واقعة في حيز الطلب كما في فاتحة الكتاب واما إذا كان المأمور به قراءة سورة أعم من هذا أو ذاك فلا يعتبر في صحة اجزاء المأمور به في مقام الإطاعة الا وقوعها بقصد جزئيتها لهذا العنوان الأعم واتيان الجزء المشترك بقصد ان يجعله جزء لاحد الفردين لا يتعين عليه فعله ولا يوجب بطلان هذا الجزء عند اختياره الفرد الآخر كما لو كان مخيرا في ذكر الركوع أو السجود بين ان يقول سبحان ربي العظيم وبحمده أو ربي الاعلى فاختار أحدهما وبدأ له في الأثناء العدول إلى الآخر أو كان مأمورا بان يصنع اما الباب أو السرير فنحت قائمة بقصد الباب ثم بدأ له اختيار السرير فلا مقتضى لإعادته بعد فرض اتحاد مهية الجزء وتحققه بداعي الخروج عن عهدة هذا التكليف المنجز عليه ولو سلم لزوم اعادته في مثل الغرض فلا نسلمه فيما لو اتى بالقدر المشترك بقصد ان يجعله جزء لما يختاره عند الامتياز كما لو كان مكلفا بالمشي اما إلى دار زيد أو عمرو واشتركا في نصف الطريق فمشى هذا النصف عازما على اختيار أحد الفردين لدى الامتياز ودعوى انه لابد في أمثال الامر التخييري من اختيار أحد الفردين من حين الاخذ في الامتثال عرية عن الشاهد بل الشواهد على خلافها واما الوجه الأول فيرد عليه ما اعترضه قدس سره على نفسه ودفعه بما لا يسلم عن الخدشة حيث قال بعد ان فرع على الوجهين المزبورين ان مجرد قصد سورة غير معينة بالبسملة لا يوجب قابليتها لأن تضم إلى سورة معينة فتصير جزء منها ما لفظه بأدنى اختلاف في التعبير فان قلت هذه البسملة التي قرأها بقصد سورة لا بعينها لا شك في أنه يصدق عليها القرآن فإذا صدق عليها القرآن فاما ان يصدق عليها انها بعض من سورة دون سورة واما ان يصدق عليها انها بعض من كل سورة بمعنى انها قابلة لها إذ لو لم يصدق عليها انها بعض سورة أصلا لم يصدق عليها القرآن مع أنه صادق عليه قطعا ولا يجوز ان يصدق عليها بعض من سورة دون أخرى فتعين كونها بعضا من كل سورة بمعنى قابليتها لذلك قلت كونه قرانا مسلم ويصدق عليها انها جزء من كل سورة بمعنى انها قابلة لأن يقصد بها حين القراءة كل سورة لا ان هذه التي لم يقصد بها سورة قابلة لأن تصير بعد الضم جزء من كل سورة ولا تنافي بين ان يصدق كلي على شئ كالقران على البسملة التي لم يقصد لسورة وان لا يصدق عليه انه جزء من هذه السورة ولا من ذاك ولا من تلك نظيره ما إذا طلب المخاطب الاتيان برجل؟؟ شايع فإنه يصدق عليه انه طلب رجلا لكن لا يصدق عليه انه طلب زيدا ولا انه طلب عمروا ولا انه طلب بكرا وان كان كل من اتى به حصل الامتثال لكن الكلام في تمثيل القراءة وتشبيهها بالطلب وانه لا يجب على ما يعرض للواحد المبهم ان يعرض لشئ من الآحاد الخاصة فانا نرى بالعصيان ان من قصد بالبسملة مجرد القرآن لا يصدق عليه انه قرء بعض سورة التوحيد ولا بعض سورة كذ ولا بعض سورة العزيمة فكل حكم يترتب على سورة خاصة وجزئها لا يترتب على قراءة هذه البسملة فإذا امر الشارع تخييرا بقراءة سورة من بين السور فلابد من أن يصدق حين القراءة انه مشغول بالسورة الفلانية
(٣٢١)