وهذا وان كان بظاهره شهادة على ورود نص صحيح بذلك ولكنه بالنسبة الينا مرسل مجهول الأصل فلا اعتداد به الا في جواز الالتزام باستحبابه من باب المسامحة وفي رواية وهي صحيحة زرارة التقدمة على ما رواها الصدوق في الفقيه والحلي في مستطرفات السرائر تسع تسبيحات باسقاط التكبير من اخرها كما عرفت وقد نسب القول بمضمونها إلى حريز والصدوقين وابن أبي عقيل وأبي الصلاح والظاهر أن منشأ نسبة إلى حريز انه أثبت الرواية المزبورة في أصله مقتصرا عليها وكيف كان فقد جوز غير واحد العلم بما في هذه الصحيحة ولكن لاعلى سبيل التعيين كما يقتضيه ظاهر الامر الوارد فيها بل تخييرا بينه وبين غيره مما تضمنه سائر الأخبار الآتية مطلقا أو في الجملة كما ستعرف وفي رواية أخرى يجزي اربع تسبيحات وهي صحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام ما يجزي من القول في الركعتين الأخيرتين قال إن تقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وتكبر وتركع وقد حكى القول بمضمونها عن جماعة من القدماء وكثير من المتأخرين بل الظاهر أن القول بكفاية الأربع هو اشهر الأقوال بل المشهور فيما بين المتأخرين ومتأخريهم كما عن بعض التصريح به وربما يستدل له أيضا بصحيحة أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كنت امام قوم فعليك ان تقرء في الركعتين الأولتين وعلى الذين خلفك ان يقولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وهم قيام فإذا كان في الركعتين الأخيرتين فعلى الذين خلفك ان يقرؤا فاتحة الكتاب وعلى الإمام ان يسبح مثل ما يسبح القوم في الركعتين الأخيرتين وفيه انه ليس في الرواية تعرض لبيان ما هو وظيفة الأخيرتين تفصيلا لا للامام ولا للمأموم فضلا عن مقداره وانما ينسبق إلى الذهن التسبيحات الأربع المذكورة في الرواية لانس الذهن بها ومعهوديتها من الخارج والا فلرواية لم تدل الا على أن المأموم يأتي بهذه التسبيحات الأربع في الأوليين وليس فيها بالنسبة إلى هذا أيضا ظهور في كون الاتيان بها مرة مجزية فان اطلاقها وارد مورد حكم اخر كما لا يخفى وقد سبق توجيه الرواية عند التكلم في أفضلية التسبيح من القراءة فراجع وعن العلامة في المنتهى انه نسب إلى الحلبي القول بثلاث تسبيحات صورتها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ويحتمل ان يكون مراده الاتيان بهذه الصورة ثلاثا فهو حينئذ من القائلين بالتسع كما نسب إليه هذا القول أيضا فمستنده على هذا التقدير هي صحيحة حريز المتقدمة والا فلم يعلم له مستند إذ ليس في شئ من الاخبار ما يدل على الثلاث بهذه الصورة نعم يظهر من بعض الأخبار الاجتزاء بثلاث تسبيحات ولكن لا بهذه الصورة كرواية أبي بصير المروية عن الفقيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال أدنى ما يجزي من القول في الركعتين الأخيرتين ان تقول سبحان الله سبحان الله سبحان الله وصحيحة الحلبي المروية عن التهذيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا قمت في الركعتين الأخيرتين لا تقرأ فيهما فقل الحمد لله وسبحان الله والله أكبر وقد حكى عن الإسكافي القول بمضمون هذه الصحيحة وحكى عن البحار الاجتزاء بمطلق الذكر لرواية علي بن حنظلة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الركعتين الأخيرتين ما اصنع فيهما فقال إن شئت فاقرء فاتحة الكتاب وان شئت فاذكر الله فهو سواء قال قلت فأي ذلك أفضل فقال هما والله سواء ان شئت سبحت وان شئت قرأت وفيه ان مقتضى القاعدة تقييد اطلاق الذكر بالأذكار الخاصة الواردة في النصوص المقيدة كما ربما يومي إلى ذلك ما في ذيل الخبر من قوله عليه السلام ان شئت سبحت وان شئت قرأت فإنه مشعر بأن الاطلاق غير مقصود من الذكر المأمور به في الصدر بل الذكر المعهود الذي هو التسبيح فالأولى الاستشهاد لهذا القول بصحيحة عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الركعتين الأخيرتين من الظهر قال تسبح وتحمد الله وتستغفر لذنبك فان شئت فاتحة الكتاب فإنها تحميد ودعاء فان قضية العلة المنصوصة كفاية مطلق التحميد والدعاء وعدم اعتبار لفظ خاص ولا خصوصية التسبيح أو الاستغفار ومقتضاه كون الواو في قوله عليه السلام في صدر الخبر تسبح وتحمد الله وتستغفر لذنبك وكذا في صحيحة زرارة الواردة في المأموم المسبوق فإذا اسم الإمام قدم فصلى الأخيرتين لا يقرء فيهما انما هو تسبيح وتهليل وتكبير ودعاء وفي صحيحته الأخرى انما هو تسبيح وتهليل وتكبير ودعاء للتنويع لا للجمع والخدشة في دلالة الصحيحة بعدم وفائها باثبات الاجتزاء بمطلق الذكر إذ رب ذكر لا يصدق عليه عرفا اسم التسبيح والتحميد والدعاء مدفوعة بعد الغض عن أن كلما ناجيت به ربك مما يسمى ذكرا لا يخرج عن كونه دعاء أو تسبيحا أو تحميدا بان الصحيحة وان لم تكن بنفسها وافية باثبات ذلك ولكنه كاشفة عن عدم اعتبار خصوصية الأذكار الواردة في الاخبار المقيدة قيدا في مهية المأمور به فيبقى اطلاق قوله عليه السلام في خبر ابن حنظلة وان شئت فاذكر الله سليما عن المقيد فالقول بكفاية مطلق الذكر اخذا بظاهر هذه الصحيحة لا يخلو عن وجه الا ان الاعتماد على هذا الظاهر مع مخالفته للمشهور في مقابل الأخبار الكثيرة الدالة بظاهرها على اعتبار خصوص التسبيح اجمالا فيما هو وظيفة الأخيرتين عند ترك القراءة لا يخلو عن اشكال وحكى عن جماعة من الأصحاب القول بان المصلي مخير بين الاتيان بكل ما ذكر حتى مطلق الذكر كما نسب إلى بعضهم ومرجعه إلى القول السابق أو بين جميع ما ورد في الروايات ولو ثلاث تسبيحات بان يقول سبحان الله ثلاثا كما في خبر أبي بصير أو جميع ما ورد في خصوص الأخبار الصحيحة أو بين التسبيحات الأربع والتسع الواردتين في صحيحتي زرارة إلى غير ذلك من التفاصيل الناشئة من الاختلاف في فهم ما يقتضيه الجمع بين الاخبار أو ترجيح بعضها على بعض وقد أشرنا إلى ما هو الحق لدينا من أن مقتضى الجمع بين صحيحة عبيد وغيرها من الروايات هو القول بكفاية مطلق الذكر الا ان الالتزام به لا يخلو عن اشكال وربما استظهر هذا القول من عبارة المصنف رحمه الله في المعتبر فإنه على ما حكى عنه نقل القول بالأربع والتسع والعشر والاثنتي عشرة وأورد صحيحتي زرارة في الأولين وصحيحة الحلبي في التسبيحات الثلاث وروايتي علي بن حنظلة وعبيد ثم قال والوجه عندي هو القول بالجواز في الكل إذ لا ترجيح وان كانت رواية الأربع أولى انتهى فان قضية تجويزه العمل بروايتي علي وعبيد المتقدمتين هو الالتزام بالقول المزبور كما عرفت اللهم ان يمنع دلالتهما عليه وكيف كان فظاهره ان التزامه بجواز العمل بالكل من باب التخيير الناشي من معارضة الأدلة وهو لا يخلو عن بعد بل الحق هو القول
(٣١٨)