المورد هو الاتيان بمجموع القراءة المعتبرة في كل ركعة من الصلاة اي الحمد والسورة في ضمن فرد من القراءة بان يعد في العرف مجموعها قراءة واحدة مبتدئا فيها بفاتحة الكتاب كما يؤمي إلى ذلك بعض الأخبار المتقدمة في أوائل المبحث المشعرة بان مجموعها جزء واحد من اجزاء الصلاة مع حفظ صورتها التي بها يتقوم مهية القرائية التي هي قوام المأمور به فالفصل الطويل المنافي لصدق وحدة القراءة عرفا أو مرج كلمات خارجية منافية لحفظ الصورة كما لو قال مثلا الحمد والشكر لله الواجب الوجود المنان رب العالمين الرحمن الغفار الرحيم وسكت بين كلمات مرتبطة بعضها ببعض أو بين حروف الكلمات بمقدار ينقطع العلامة بينها لدى العرف في محاوراتهم مخل بصحتها واما سؤال الرحمة والاستعاذة من النقمة ورد السلام وتسميت العاطس أو الحمد عند العطسة وأشباهها فغير قادحة بالمالاة المعتبرة في القراءة فإنه كثيرا ما يوجد نظيرها في العرف عند اشتغالهم بقراءة شئ ولا يرونه مخلا بانضمام بعضها إلى بعض أو منافيا لحفظ صورتها فالالتزام بكون ما ورد في النصوص جوازه كسؤال الرحمة ونحوه من حيث هو منافيا للتوالي ولكن ثبت جوازه تعبدا بدليله ليس بأولى من منع اعتبار التوالي على وجه ينافيه مثل هذه الأمور بما يستدل أيضا لعدم اعتبار الموالاة بالمعنى الذي ذكروه باطلاقات أو امر القراءة وفيه ان الاطلاقات غير ناظرة إلى كيفية القراءة فالعمد ما عرفت ولو قرء مثلا خلالها من سورة أخرى غيرها أو اتى بذكر أو دعاء على سبيل المزج والتأليف بحيث منع عن انضمام لاحقه بسابقة بان عد المأتى به أيضا من اجزاء القراءة في العرف أو كان موجبا للفصل الطويل المنافي للانضمام استأنف القراءة لا الصلاة عمدا كان أو سهوا ما لم يكن مخلا بالموالاة المعتبرة في الصلاة من حيث هي إذ لا ملازمة بين الامرين لأنه قد يحصل في خلال القراءة ما ينفصم به نظمها وتختل صورتها ولكن لا ينافي صورة الصلاة وبقاء هيئتها كما أنه قد يكون الامر بالعكس فإنه قد يكون بعض الأشياء منافيا لصورة الصلاة كما لو جلس في أثنائها واشتغل بشرب التتن والتنباك ونحوه مثلا فان حصول مثل هذه الأشياء في أثناء القراءة عند طولها بقصد الاستراحة وتجديد النفس ليس قادحا في صدق وحدتها وانضمام بعضها إلى بعض في العرف ولكنها منافية للهيئة الاتصالية المعتبرة في الصلاة كما سيأتي تحقيقه في محله إن شاء الله ثم إن ينبغي تقييد اطلاق المتن وغيره ممن اطلق الحكم باستيناف القراءة بما إذا كان ما اتى به في خلال القراءة موجبا لانفصام نظمها بحيث لم يكن العود إلى ما انتهى إليه أو مع شئ ممال تقدمه مما له شدة ارتباط به مجديا في تداركه والا عاد ما يحصل معه الارتباط من غير حاجة إلى استينافها كما أنه ينبغي تنزيل قول من اطلق الحكم بالقراءة من حيث انتهى إليه على هذه الصورة وحكى غير واحد القول ببطلان الصلاة مع العمد وربما عللوه بأن الاخلال به مخالفة لامر الشارع بترك الموالاة الواجبة في الصلاة وهي منهى عنها وانه موجب لبطلان الجزء الذي اعتبر فيه الموالاة وفساده يوجب فساد الكل فلا يتحقق به موافقة امره وفيه انه بعد تداركه يتحقق الموافقة فلا مقتضى للبطلان واما ما قيل من أن المخالفة منهى عنها فكأنه أريد به ان الجزء الماتى به فاسدا حرام فيسري حرمته إلى الكل بواسطة جزئه فيمتنع وقوعه عبادة وفيه بعد الغض عن أن وجوب الموالاة شرطي لا شرعي فلا يكون تركها حراما شرعيا ان حرمة ترك الموالاة لا يؤثر في حرمة القراءة السابقة التي اتى بها بقصد الجزئية حتى يمكن ان يدعى ان حرمتها تستدعي حرمة الصلاة المشتملة عليها أو يقال إن الكلام الحرم مبطل للصلاة ولذا بنى بعض هذا الدليل على ادعاء ان الامر بالشئ يقتضي النهي عن ضده فيكون المراد بكون المخالفة محرمة حرمة السكوت الطويل أو القراءة الواقعة في الأثناء الموجبة لفوات الموالاة وفيه (أيضا) انه لا مقتضى على هذا التقدير أيضا للالتزام بكون السكوت المحرم مبطلا للصلاة واما القراءة الواقعة في الأثناء فربما يقال فيها بذلك بعد تسليم حرمتها كما تقدمت الإشارة إلى وجهه مع ما فيه من الضعف في مسألة ما لو اتى بشئ من افعال الصلاة رياء أو لغير الصلاة وقد ظهر بما تقدم في المبحث المشار إليه ضعف الاستدلال للمقام بأنه لدى الاخلال بالموالاة ان اقتصر على المأتى به ومضى في صلاته بطلت من حيث النقيصة والا فمن حيث الزيادة فلا نطيل بالإعادة فالأظهر عدم بطلان الصلاة بالاخلال بالموالاة المعتبرة في القراءة بل عليه تداركها باستيناف القراءة على تقدير انقطاع الهيئة الاتصالية المعتبرة في القراءة بين ابعاض القراءة الواحدة عرفا وخروج الأجزاء السابقة عن قابلية وصل اللاحقة بها أو خصوص الكلمة التي انتهى إليها أو مع شئ مما تقدمها مما له شدة ارتباط بها عند بقاء سابقتها في الجملة على صفة القابلية للانضمام واختصاص الفوات بالموالاة المعتبرة بين بعض الكلمات مع بعض أو بعض الآيات مع بعض لا مطلقا و كيف كان فلا فرق فيما يفوت به التوالي بين ان يكون قراءة غيرها أو السكوت المنافي للتوالي فكما يستأنف القراءة خاصة دون الصلاة في الأول فكذا في الثاني ما لم يكن موجبا لفوات الهيئة الاتصالية المعتبرة في الصلاة من حيث هي كما في الأول على حسب ما تقدمت الإشارة إليه انفا ولكن قد يتخيل الفرق بين افراد السكوت بل وكذا بين افراد قراءة الغير أيضا فان لكل منهما عند اقترانه مع العزم على قطع القراءة والاعراض عنها تأثيرا في رفع الهيئة المعتبرة عرفا بين ابعاض الكلام ليس له هذا الأثر لدى استدامة عزمه على القراءة الا ترى فرقا واضحا لدى العرف في صدق وحدة القراءة بين ما لو سكت القاري الاستراحة وتحديد النفس أو تشاغل بشرب التتن ونحوه مع بقاء عزمه على اتمام القراءة وبين ما لو صدر منه ذلك بينه القطع والاعراض وكذا لو تكلم بمبتدء مثلا ثم قطع كلامه ووضع يده على فيه للإشارة إلى ذلك ثم ذكر ما يصلح ان يكون خبرا له فان يحتاج رحمه الله في ربطه بذلك المبتدأ إلى رابطة من إشارة ونحوها بخلاف ما لو سكت بينهما بأكثر من ذلك لضيق نفس أو سعال أو نسيان ونحوه فلا يبعد ان يقال إنه لو نوى قطع القراءة وسكت ولو قليلا كما يقتضيه اطلاق المتن فضلا عما لو اشتغل مع نية القطع بما يضادها من قراءة غيرها ونحوها أخل بالموالاة (فعليه ان يستأنف القراءة خاصة على المختار وعلى القول ببطلان الصلاة لدى الاخلال بالموالاة) عمدا إعادة الصلاة إذ المفروض حصوله عن قصد وفي قول لو نوى قطع القراءة وسكت بعيد الصلاة وهذا القول منسوب إلى الشيخ في المبسوط مع تصريحه على ما نسب إليه باستيناف القراءة خاصة فيما لو قرء خلالها من غيرها عمدا فلعل نظره في الحكم بالإعادة في المقام ان نية قطع القراءة الواجبة في الصلاة ما لم يكن من عزمه العود إليها أو استينافها قبل فوات محلها كما هو المتبادر من اطلاقه يلزمها العزم على قطع الصلاة أو ايقاعها فاسدة
(٣١٤)