انما هو كونه بالرأس كما وقع التصريح به في جملة من الأخبار المتقدمة واما تغميض العينين فلا يصدق عليه اسم الايماء ولا أقل من انصراف اطلاقه عنه ولكن عند تعذر الايماء يقوم التغميض مقامه فيجب بدلا عن الركوع والسجود لدى العجز عنهما وعن الايماء كما هو المشهور على ما نسب إليهم ويشهد له مضافا إلى امكان دعوى كونه ايماء اضطراريا فهو من العاجز عن الايماء بالرأس ايماء عرفي يفهم وجوبه من اطلاق كذلك الامر بالايماء الوارد في الأخبار المتقدمة أو كونه من مراتبه الميسورة لدى العرف التي لا يسقط بمعسوره رواية محمد بن إبراهيم المتقدمة الواردة في المستلقي واختصاص موردها بالمستلقي غير ضائر بعد وضوح المناط وعدم مدخلية الخصوصية في بدلية عنهما وما فيها من اطلاق الامر بالتغميض منزل على الغالب من كون الايماء بالرأس مشقة عليه كما أومى إليه في الحدائق بعد ان مال إلى العمل باطلاقه في مورده وتنزيل الاخبار المصرحة بالايماء بالرأس على المضطجع فإنه بعد ان نقل عن المشهور القول بوجوب الايماء بالرأس في حالتي الاضطجاع والاستلقاء ان أمكن الا فبالعينين ثم نقل بعض الأخبار المتقدمة الدالة على الايماء بالرأس قال ما هذا لفظه واما انه مع العجز عن الايماء بالرأس فبالعينين وهو عبارة عن تغميضهما حال الركوع والسجود كما تقدم في مرسلة محمد بن إبراهيم برواية المشايخ الثلاثة الا ان موردها الاستلقاء ومورد الايماء بالرأس في ا لروايات المتقدمة الاضطجاع على أحد الجنبين والأصحاب قد رتبوا بينهما في كل من الموضعين والوقوف على ظاهر الاخبار أولى الا مع في مكان الايماء بالرأس من المضطجع فإنه لا مندوحة عن الانتقال إلى الايماء بالعينين ولعل الاخبار انما خرجت مخرج الغالب من أن النائم على أحد جنبيه لا يصعب عليه الايماء برأسه والمستلقي لمزيد الضعف لا يمكنه الايماء بالرأس انتهى أقول صعوبة الايماء بالرأس من المستلقي ليس لمجرد زيادة ضعفه بل لأن صدوره منه في حد ذاته أشق من صدوره من المضطجع كما لا يخفى وكيف كان فما ذكره من أن الوقوف على ظاهر الاخبار أولى يتوجه عليه انه ليس في شئ من الاخبار التي وقع فيها التصريح بالايماء بالرأس اشعار بوروده في خصوص المضطجع بل قد أشرنا انفا إلى أنه ربما يستشعر من خبرين منها وهما خبر إبراهيم والحلبي ورودهما في الجالس ولكنه لا يقدح في إفادة عموم المدعى مع امكان ابقائهما على ظاهرهما من الاطلاق واما مرسلة الفقيه الواردة فيمن شبكته الريح التي وقع فيها أيضا التصريح به فإن لم نقل بانصراف ما فيها من الامر بتوجيهه إلى القبلة إلى النوم مستلقيا إلى القبلة فلا أقل في عدم ظهوره في إرادة خصوص النوم على أحد جنبيه هذا مع انا قد أشرنا إلى أن المتبادر من اطلاق الايماء الوارد في سائر الأخبار الواردة في المستلقي وغيره انما هو الايماء بالرأس بل بعضها كقوله عليه السلام في مرسلة الفقيه الأولى استلقى وأومى ايماء وجعل وجهه نحو القبلة وجعل سجوده اخفض من ركوعه كالنص في ذلك إذ لا معنى للأخفضية في تغميض العينين فمقتضى الجمع بينهما وبين مرسلة إبراهيم صرف هذه المرسلة إلى صورة العجز عن الايماء بالرأس ان لم نقل بانصرافها في حد ذاتها إليه بواسطة المناسبات المغروسة في الأذهان القاضية بعدم التخطي عن الايماء بالرأس لدى التمكن منه إلى التغميض ويحتمل قويا ابتناء ما في هذه المرسلة من الاطلاق على التوسعة والتسهيل ارفاقا بحال المستلقي فيجمع بينها وبين غيرها مما ظاهره الايماء بالرأس مع الامكان بالحمل على التخيير وكفاية كل من الامرين لدى التمكن منهما توسعة على المستلقي ولكن الأول مع أنه أحوط أوفق بالقواعد فان صرف كل من الدليلين عن ظاهرهما من الوجوب العيني ابعد في مقام الجمع من ارتكاب هذا النحو من التقييد في المرسلة الا انه ربما يقرب احتمال التخيير اطلاق الامر بالايماء وجعل سجوده اخفض من ركوعه في المرسلة الأولى فان اطلاقه وان كان مقيدا عقلا بالقدرة عليه الا انه كاشف عن أن القدرة عليه غير عزيزة بل شايعة والا لم يكن يحسن اطلاق الامر به و السكوت عما هو واجب عليه غالبا في مقام تكليفه الفعلي فيشكل حينئذ اطلاق الامر بالتغميض في المرسلة لولا ابتنائه على التوسعة والتسهيل والله العالم تنبيه صرح غير واحد بأنه متى أومى للركوع والسجود فليجعل سجوده اخفض من ركوعه بل عن الذكرى نسبه إلى الأصحاب وهو مشعر بالاتفاق ويدل عليه جملة من الأخبار المتقدمة التي وقع فيها التصريح به ويشهد له أيضا بعض الروايات الواردة في سائر مواقع الضرورة التي يصلي فيها مؤميا كخبر يعقوب بن شعيب قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في السفر وانا امشي قال اوم ايماء واجعل السجود اخفض من الركوع وفي خبره الآخر عنه في الرجل يصلي على راحلته قال يؤمي ايماء يجعل السجود اخفض من الركوع وفي خبر أبي البختري المروي عن قرب الإسناد عن أبي عبد الله عليه السلام فيمن غرقت ثيابه يبتغي ثيابا فإن لم يجد صلى عريانا جالسا يؤمي ايماء يجعل سجوده اخفض من ركوعه وفي مضمرة سماعة الواردة فيمن يتطوع في السفر وان كان راكبا فليصل على دابته وهو راكب ولتكن صلاته ايماء وليكن رأسه حيث يريد السجود اخفض من ركوعه فلا ينبغي التأمل فيه بعد وقوع التصريح به في الأخبار المستفيضة الواردة في الأمور المتفرقة من الفرائض والنوافل والمناقشة فيه بان ايجاب الايماء لهما انما هو لعدم سقوط الميسور بالمعسور فيجب عليه فعل تمام ما يتمكن منه من الايماء لكل منهما ويجتزي في الفرق بينهما بالنية مدفوعة بان الاخذ بمقتضيات القواعد العامة في مقابل الأخبار الخاصة يشبه ان يكون اجتهادا في مقابل النص هذا مع أن الايماء مهية أخرى مبائنة بالذات لمهية الركوع والسجود فلا نفي بأثباته قاعدة الميسور لأنها لا تجري الا فيما إذا كان المأتى به من انحاء وجودات المأمور به ببعض مراتبه الناقصة التي لم تكن مجزية عند التمكن من الاتيان به بشرائطه المعتبرة في صحته كالركوع أو السجود بلا استقرار أو بلا وضع باقي المساجد على الأرض مما لا ينافي صدق مفهومه عرفا لا مثل الايماء الذي هو مباين بالذات لهما ولا يندرج في مسماهما عرفا فوجوبه بدلا عنهما انما هو لأدلته الخاصة لا من باب القاعدة نعم ربما يظهر من امر الشارع بجعل الايماء للسجود اخفض منه للركوع ومن جعله غمض العينين في المستلقي بدلا عنهما وفتحهما بدلا عن الرفع عنهما انه راعى المناسبة بين الايماء والتغميض وبين مبدلهما في مقام جعل البدلية لا انه أوجبهما لكونهما ميسور المتعذر نعم لو كان الهوى
(٢٦٥)