من وراء جزيرة الأندلس وهو صاحب جزيرة اركبلطرة وتسمى بنسر غالس وفد عليه صريخا وزوجه بنته فبعث ابنه لنصره في أمم الإفرنج وانهزم الفنش أمامهم وارتجع بطرة البلاد حتى إذا رجعت عساكر الإفرنجة رجع الفنش فارتجع البلاد ثانيا وحاصر أخاه بطرة في بعض حصون جليقة حتى أخذه وقتله واستولى على ملكهم واغتنم السلطان صاحب غرناطة شغلهم بهذه الفتنة فاعتز عليهم ومنع الجزية التي كانوا يأخذونها من المسلمين منذ عهد سلفه فأقاموا من لدن سنة ثنتين وسبعين لا يعطونهم شيئا واستمر على ذلك وسما إلى مطالبتهم بنسر غالس ملك الفرنجة من ورائهم الذي جاء لنصر بطرة وأنكحه بطرة ابنته وولدت له ولدا فزعم أبوه هذا الملك أنه أحق بالملك من الفنش وغيره على عادة العجم في تمليك الأسباط من ولد البطن وطالت الحرب بينهما ونزل بالجلالقة من ذلك شغل شاغل واقتطع الكثير من ثغورهم وبلادهم فمنعهم ابن الأحمر الجزية واعتز عليهم كما ذكرناه والحال على ذلك لهذا العهد وأما ملوك المغرب فان السلطان عبد العزيز بن السلطان أبى الحسن لما استبد بملكه واستفحل أمره وكان عبد الرحمن بن أبي يفلوسن مقدما على الغزاة بالأندلس كما قلناه وهو قسيمه في النسب ومرادفه في الترشيح للملك فعثر السلطان عبد العزيز على مكاتبة بينه وبين أهل دولته فارتاب وبعث إلى ابن الأحمر في حبسه فحبسه وحبس معه الأمير مسعود بن ماسى لكثرة خوضه في الفتنة ومكاتبته لأهل الدولة فلما توفى السلطان عبد العزيز سنة أربع وسبعين وبويع ابنه محمد السعيد يافعا وكفله وزير أبيه أبو بكر بن غازي الثائر أطلق ابن الأحمر عبد الرحمن بن يفلوسن من محبسه فنقم ذلك عليه الوزير أبو بكر كافل الدولة بالمغرب واعتزم على بعث الرؤساء من قرابة ابن الأحمر إلى الأندلس لمنازعته ومده بالمال والجيش وبلغ ذلك ابن الأحمر فعاجله عند وسار في العساكر إلى فرضة المجاز ونازل جبل الفتح ومعه ابن يفلوسن وابن ماسى وأركبهما السفن فنزلوا ببلاد بطرة فاضطرب المغرب واشتد الحصار على أهل جبل الفتح واستأمنوا لابن الأحمر وأطاعوه وكان بسبتة محمد بن عثمان بن الكاس صهر أبى بكر بن غازي وقريبه بعثه لضبط المراسي عند ما نزل ابن الأحمر على الجبل وبطنجة يومئذ جماعة من ولد السلطان أبى الحسن المرشحين محبوسون منذ عهد عبد العزيز فوقعت المراسلة من السلطان ابن الأحمر ومحمد ابن عثمان ونكر عليه مبايعتهم لولد صغير لم يراهق وأشار بيعة واحد من أولئك المرشحين المحبوسين بطنجة ووعده بالمظاهرة والمدد بالمال والجيش ووقع اختيار محمد ابن عثمان على السلطان أبى العباس أحمد فأخرجه وبايع له وقد كان أولئك الفتية تعاهدوا في محبسهم أن من استولى منهم على الملك أطلق الباقين منهم فوفى لهم السلطان
(١٧٦)