واجتمعت إليه جموع من البربر والنكارية وخرج إليه المعز بنفسه وانتهى إلى باغاية وافترقت جموع أبى خزر وسلك الأوعار فعاد المعز وأمر بلكين بن زيرى بالمسير في طلبه فسار لذلك حتى انقطع عنه خبره ثم جاء أبو جعفر مستأمنا سنة تسع وخمسين فقبله وأجرى عليه الرزق وعلى أثر ذلك وصلت كتب جوهر بإقامة دعوته بمصر والشأم وباستدعائه إليها فاشتد سرور المعز بذلك وأظهره في الناس ونطق الشعراء بامتداحه ثم زحف القرامطة إلى دمشق وعليهم ملكهم الأعصم ولقيهم جعفر بن فلاح فظفر بهم وقتلهم ثم رجعوا إليه سنة احدى وستين وبرز إليهم جعفر فهزموه وقتلوه وملك الأعصم دمشق وسار إلى مصر وكاتب جوهر بذلك للمعز فاعتزم على الرحلة إليها * (مسير المعز إلى مصر ونزوله بالقاهرة) * ولما انتهت هذه الأخبار إلى المعز اعتزم على المسير إلى مصر وبدأ بالنظر في تمهيد المغرب وقطع شواغله وكان محمد بن الحسن بن خزر المغراوي مخالفا عليه بالمغرب الأوسط وقد كثرت جموعه من زنانة والبربر وكان جبارا طاغيا فأهم المعز أمره وخشى على إفريقية غائلته فأمر بلكين بن زيرى بن مناد بغزوه فغزاه في بلاده وكانت بينهما حروب عظيمة ثم انهزم محمد بن خزر وجموعه ولما أحس بالهزيمة تحامل على سيفه فقتل نفسه وقتل في المعركة سبعة عشر من أمراء زناتة وأسر منهم كثير وذلك سنة ستين وسر المعز ذلك وقعد للهناء به واستقدم بلكين بن زيرى فاستخلفه على إفريقية والمغرب وأنزله القيروان وسماه يوسف وكناه أبا الفتوح وولى على طرابلس عبد الله بن يخلف الكتامي ولم يجعل لبلكين ولاية عليه ولا على صاحب صقلية وجعل على جباية الأموال زيادة الله بن الغريم وعلى الخراج عبد الجبار الخراساني وحسين بن خلف المرصدي بنظر بلكين وعسكر ظاهر المنصورية آخر شوال من سنة احدى وستين وأقام على سردانية قريبا من القيروان حتى فرغ من أعماله ولحقته عساكره وأهل بيته وعماله وحمل له ما كان في قصره من الأموال والأمتعة وارتحل بعد أربعة أشهر من مقامه وسار معه بلكين قليلا ثم ودعه ورده إلى عمله وسار هو إلى طرابلس في عساكره وهرب بعضهم إلى جبل نفوسة فامتنعوا بها وسار إلى برقة فقتل بها شاعره محمد بن هانئ الأندلسي وجد قتيلا بجانب البحر في آخر رجب من سنة ثنتين وستين ثم سار إلى الإسكندرية وبلغها في شعبان من هذه السنة ولقيه بها أعيان مصر فأكرمهم ووصلهم وسار فدخل القاهرة لخمس من رمضان من هذه السنة فكانت منزله ومنزل الخلفاء بعده إلى آخر دولتهم * (حروب المعز مع القرامطة واستيلاؤه على دمشق) *
(٤٩)