ما اتصفوا به من القتل غدرا وكان أبو الغازي بن ارتق بحلب يتوصل بهم إلى غرضه في أعدائه وأشار أبو الغازي على ابن طفتكين الأتابك بدمشق بمثل ذلك فقبل رأيه ونقل إليه فأظهر حينئذ شخصه وأعلن بدعوته وأعانه الوزير أبو على ظاهر بن سعد المزدغاني لمصلحتهم فيه فاستفحل أمره وكثر تابعوه وخاف من عامة دمشق فطلب من ابن طغتكين ووزيره أبى على حصنا يأوى إليه فاعطوه قلعة بانياس سنة عشرين وخمسمائة وترك بدمشق خليفة له يدعو الناس إلى مذهبه فكثروا وانتشروا وملك هو عدة حصون في الجبال منها القدموس وغيره وكان بوادي التيم من أعمال بعلبك طوائف من المجوس والنصرانية والدرزية وأميرهم يسمى الضحاك فسار بهرام لقتالهم سنة ثنتين وعشرين واستخلف على بانياس إسماعيل من أصحابه ولقيهم الضحاك في ألف رجل وكبس عسكره فهزمهم وقتله وعاد فلهم إلى بانياس فأقام بأمرهم إسماعيل وجمع شملهم وبث دعاته في البلاد وعاضده المزدغاني وزير دمشق وانتصر لهذه الطائفة وأقام بدمشق خليفة لبهرام اسمه أبو الوفاء فقوى أمره وكثر أتباعه واستبد على صاحبها تاج الملوك بن طغتكين ثم إن المزدغاني راسل الفرنج أن يملكهم دمشق على أن يعطوه صور وتواعد واليوم عينوه ودس للإسماعيلية أن يكونوا ذلك اليوم على أهبة ونمى الخبر إلى إسماعيل فخاف أن يثور به الناس فأعطى بانياس للفرنج وانتقل إليهم ومات سنة أربع وعشرين وكان للإسماعيلية قلاع في تلك الجهات تتصل بعضها ببعض أعظمها قلعة مصيات فسار صلاح الدين لما ملك الشأم سنة ثنتين وسبعين إليها وحاصر مصيات وضيق حصارها وبعث سنان مقدم الإسماعيلية إلى خال صلاح الدين بحماة وهو شهاب الدين الحادي أن يسأل صلاح الدين في الصلح معهم ويتهددونه على ذلك سرا فسار إلى صلاح الدين وأصلح أمرهم عنده ورحل عنهم * (بقية الخبر عن قلاع الإسماعيلية بالعراق) * ولم تزل قلاع هؤلاء الإسماعيلية بالعراق عشا لهده الغواية وسفطا لهؤلاء الخباث منذ ثار بها أحمد بن غطاش والحسن بن الصباح وكان لهذا الحسن مقالات في مذاهب الرافضة غريقة في الغلو داخلة من باب الكفر وتسميها الرافضة المقالات الجديدة ولا يدين بقبولها الا الغلاة منهم وقد ذكرها الشهرستاني في كتاب الملل والنحل فعليك به ان أردت معرفتها وبقي الملوك يقصدونهم بالجهاد لما اشتهر عنهم من الضرر بالاغتيال ولما افترق أمر السلجوقية واستبد ايتغمش بالري وهمذان سار إليهم سنة ثلاث وستمائة إلى قلاعهم المجاورة لقزوين فحاصرها وفتح منها خمس قلاع واعتزم على حصار قلعة الموت فعرض له ما شغله عن ذلك ثم زحف إليهم جلال الدين منكبرتى بن علاء الدين
(٩٧)