بتلقي السلطان محمود وأجلسه معه على التخت وأقام عنده إلى آخر سنة ثنتين وعشرين ثم عاد إلى خراسان وأوصاه بإعادة دبيس إلى بلده فرجع السلطان محمود إلى همذان ودبيس معه ثم سار إلى بغداد في محرم سنة ثلاث وعشرين وأنزل دبيس بداره واسترضى له الخليفة فرضى عنه وامتنع من ولايته وبذل دبيس مائة ألف دينار لذلك فلم يقبله وعاد السلطان محمود إلى همذان منتصف السنة * (فتنة دبيس مع محمود وأسره) * كانت زوجة السلطان محمود وهي ابنة عمه سنجر تعين بأمر دبيس فماتت عند رحيل السلطان إلى همذان فانحل أمره ثم مرض السلطان فأخذ دبيس ابنه الصغير وقصد العراق فجمع المسترشد لمدافعته وكان بهرور شحنة بغداد بالحلة فهرب عنها وملكها دبيس في رمضان سنة ثلاث وعشرين وبلغ الخبر إلى السلطان محمود فأحضر الأمير ابن قزل والحمد يلي وكانا ضمنا دبيس فطالبهما بالضمان فسار الاحمديلي في أثره وجاء السلطان إلى العراق فبعث إليه دبيس بهدايا عظيمة كان فيها مائتا ألف دينار وثلثمائة فرس بسروج مثقلة بالذهب ثم جاء إلى البصرة ونهبها وأخذ ما في بيوت الأموال وبعث السلطان في أثره العساكر فدخل البرية وجاءه عند مفارقته البصرة قاصدا من صرصر يستدعيه وكان صاحبها خصيا فتوفى في هذه السنة وخلف سرية له فاستولت على القلعة وأرادت أن تتم أمرها برجل له قوة ونجدة فوصف لها دبيس وحاله في العراق وكثرة عشيرته فكتبت تستدعيه لتتزوج به وتملكه القلعة بما فيها فلحقه الكتاب بعد مفارقته البصرة وقفل من العراق إلى الشام ومعه الادلاء ومر بدمشق فحبسه واليها عنده وبعث فيه عماد الدين زنكى وكان عدوه وكان عنده ابن تاج الملوك مأسورا في واقعة كانت بينهما فطلب أن يبعث إليه دبيس ويفادى به ابنه والأمراء الذين معه ففعل ذلك تاج الملوك وحصل دبيس في يد زنكى وقد أيقن بالهلاك فأطلقه زنكى وحمل له الأموال والدواب والسلاح وخزائن الأمتعة كما يفعل مع أكابر الملوك وبلغ المسترشد خبره فبعث سديد الدين بن الأنبار يطلبه من تاج الملوك فسار لذلك من جزيرة ابن عمر وبلغه في طريقه أنه بعثه إلى زنكى وأنه فاته القصد منه * (مسير دبيس إلى بغداد مع زنكى وانهزامهما) * لما توفى السلطان محمود سنة خمس وعشرين وولى بعده داود ونازعه عمومته مسعود وسلجوق ثم استقرت السلطنة لمسعود وكان أخوهما طغرل عند عمه سنجر بخراسان وكان كبير بيت أهل السلجوقية وله الحكم على ملوكهم فنكر على السلطان محمود لقتال
(٢٨٩)