فغضب أهل الموصل لابي ثعلب لما نالهم من عسف بختيار فتراسلوا في الصلح ثانيا وسأل أبو ثعلب لقبا سلطانيا وتسليم زوجته ابنة بختيار فأبى ذلك ورحل عنه إلى بغداد وبلغه في طريقه أن أبا ثعلب قتل مخلفين من أصحاب بختيار فأقام بالكحيل وبعث بالوزير وابن بقية وسبكتكين فجاؤوه في العساكر ورجع إلى الموصل وفارقها أبو ثعلب وبعث إلى الوزير كاتبه ابن عرس وصاحبه ابن حوقل معتذرا وحلفا عنه عن العلم بما وقع فاستحكم بينهم صلح آخر وانصرف كل منهم إلى بلده وبعث بختيار إليه زوجته واستقر أمرهما على ذلك * (الفتنة بين الديلم والأتراك وانتقاض سبكتكين) * كان جند بختيار وأبيه معز الدولة طائفتين من الديلم عشيرتهم والأتراك المستنجدين عندهم وعظمت الدولة وكثرت عطاياها وأرزاق الجند حتى ضاقت عنها الجباية وكثر شغب الجند وساروا إلى الموصل لسد ذلك فلم يقع لهم ما يسده فتوجهوا إلى الأهواز صحبة بختيار ليظفروا من ذلك بشئ واستخلف سبكتكين على بغداد فلما وصلوا إلى الأهواز صحبة بختيار حمل إليه حملين من الأموال والهدايا ما ملا عينه وهو مع ذلك يتجنى عليه ثم تلاحى خلال ذلك عاملان ديلمي وتركي وتضاربا ونادى كل منهما بقومه فركبوا في السلاح بعضهم على بعض وسالت بينهما الدماء وصاروا إلى النزاع واجتهدوا في تسكين الناس فلم يقدروا وأشار عليه الديلم بالقبض على الأتراك فاحضر رؤساءهم واعتقلهم وانطلقت أيدي الديلم على الأتراك فافترقوا ونودي في البصرة بإباحة دمائهم واستولى بختيار على اقطاع سبكتكين ودس بان يرجفوا بموته فإذا جاء سبكتكين للعزاء قبضوا عليه وقيل كان وطأهم على ذلك قبل سفره وجعل موعده قبضه على الأتراك فلما أرجفوا بموته ارتاب سبكتكين بالخبر وعلم أنها مكيدة ودعاه الأتراك للامر عليهم فأبى ودعا ابن معز الدولة أبا إسحاق إليها فمنعته أمه فركب سبكتكين في الأتراك وحاصروا بختيار يومين ثم أحرقها وبعث لابي اسحق وأبى ظاهرا بنى معز الدولة وسار بهما إلى واسط فاستولى على ما كان لبختيار وأنزل الأتراك في دور الديلم وثار العامة بنصر سبكتكين وأوقعوا بالشيعة وقتلوهم وأحرقوا الكرخ * (مسير بختيار لقتال سبكتكين وخروج سبكتكين إلى واسط ومقتله) * ولما انتقض سبكتكين انتقض الأتراك في كل جهة حتى اضطرب على بختيار غلمانه الذين بداره وعاتبه مشايخ الأتراك على فعلته وعذله الديلم أصحابه وقالوا لابد لنا من الأتراك ينصحون عنا فأطلق المعتقلين عنهم ورجع وجعل أردويه صاحب الجيش مكان
(٤٤٨)