من مرو فهزموه وحاصره خمسة عشر يوما حتى استأمن إليهم وخرج فقتلوه وترددت الرسل بين شهاب الدين وصاحب خوارزم في الصلح فلم يتفق بينهما أمر ولما اعتزم شهاب الدين على العود إلى غزنة ولى على هراة ابن أخته ألب غازي وقلد علاء الدين محمد الغوري مدينة فيروز كوه وبلد الغور وجعل إليه حرب خراسان وأمور المملكة وجاءه محمود ابن أخيه غياث الدين فولاه على بست وإسفراين وتلك الناحية وبعده عن الملك جملة وكانت لغياث الدين زوجة مغنية شغف بها وتزوجها فقبض عليها شهاب الدين وضربها ضربا مبرحا وضرب ولدها غياث الدين وزوج أختها واستصفاهم وغربهم إلى بلاد الهند وكانت بنت مدرسة ودفنت فيها أباها فخر بها ونبش قبورهم ورمى بعظامهم وكان غياث الدين ملكا عظيما مظفرا على قلة حروبه فإنه كان قليل المباشرة للحروب وكان ذا هيبة جواد أحسن العقيدة كثير الصدقة بنى بخراسان وغيرها المساجد والمدارس للشافعية وبنى الخوانك في الطرق وبنى على ذلك الأوقاف الكثيرة وأسقط المكوس وكان لا يتعرض إلى مال أحد ومن مات ووارثه غائب دفعه إلى امناء التجار من أهل بلده ليوصلوه إلى ورثته فان لم يجد تاجرا ختم عليه القاضي إلى أن يصل مستحقه وان كان لا وارث له تصدق عنه بماله وكان يحسن إلى أهل البلد إذا ملكها ويفرض الأعطيات للفقهاء كل سنة من خزائنه ويفرق الأموال على الفقراء ويصل العلوية والشعراء وكان أديبا بليغا بارع الخط ينسخ المصاحف ويفرقها في المدارس التي بناها وكان شافعي المذهب من غير تعصب لهم ويقول التعصب في المذاهب هلاك [فتنة الغورية مع محمد بن تكش صاحب خوارزم وحصار هراة ثم حصار هو خوارزم وحروب شهاب الدين مع الخطأ] لما هلك غياث الدين ملك أخوه شهاب الدين بعده فطمع محمد بن تكش صاحب خوارزم في ارتجاع هراة وكان قد أرسل شهاب الدين في الصلح فلم يتم وسار شهاب الدين عن غزنة إلى لهاووز غازيا فسار حينئذ محمد بن تكش إلى هراة منتصف سنة ستمائة وحاصرها وكان بها ألب غازي ابن أخت شهاب الدين وطال حصارها إلى سلخ شعبان وقتل بين الفريقين خلق منهم رئيس خراسان المقيم يومئذ بمشهد طوس وكان الحسين بن حرميل من أعيان الغورية بجور بان وهو اقطاعه فمكر بصاحب خوارزم وأظهر له الموالاة وأشار بأن يبعث إليه فوارس يعطيهم بعض الفيلة وقعد لهم هو والحسين بن محمد المرغني بالمراصد فاستلحموهم ثم مات ألب غازي وضجر صاحب خوارزم من الحصار فارتحل إلى سرخس وحاصرها وبلغت هذه الأخبار شهاب الدين ببلاد الهند فكر ارجعا وقصد مدينة خوارزم فأغذ محمد بن تكش السير من سرخس ونزل أثقاله
(٤٠٧)