وقصد القاهرة فسبقه طلائع فلما استقل بالوزارة أعاده إلى عمله بدمياط وتنيس ثم بعث في فداء نصير بن عباس من الفرنج فجئ به وقتله وصلبه بباب زويلة ثم نظر في المزاحمين من أهل الدولة ولم يكن أرفع رتبة من تاج الملوك قايماز وابن غالب فوضع عليهما الجند فطلبوهما فهربا ونهب دورهما وتتبع كبراء الأمراء بمثل ذلك حتى خلا الجو ووضع الرقباء والحجاب على القصر وثقلت وطأته على الحرم ودبرت عمة الفائز في قتل الصالح وفرقت الأحوال في ذلك ونمى الخبر إليه فجاء إلى القصر وأمر الأستاذين والصقالية بقتلها فقتلوها سرا وصار الفائز في كفالة عمته الصغرى وعظم اشتداد الفائز واستفحل أمره وأعطى الولايات للأمراء واتخذ مجلسا لأهل الأدب يسامرون فيه وكان يقرض الشعر ولا يجيده وولى شاور السعدي على قرضه وأشار عليه حجابه بصرفه واستقدمه فامتنع وقال إن عزلني دخلت بلاد النوبة وعلى عهده كان استيلاء نور الدين محمود الملك العادل على دمشق من يد بنى طغتكين أتابك تتش سنة تسع وأربعين وخمسمائة * (وفاة الفائز وولاية العاضد) * ثم توفى الفائز بنصر الله أبو القاسم عيسى بن الظافر إسماعيل سنة خمس وخمسين لست سنين من خلافته فجاء الصالح بن رزيك إلى القصر وطلب الخدام باحضار أبناء الخلفاء ليختار منهم وعدل عن كبرائهم إلى صغرائهم لمكان استبداده فوقع اختياره على أبي محمد عبد الله بن يوسف قتيل عباس فبايع له بالخلافة وهو غلام ولقبه العاضد لدين الله وزوجه ابنته وجهزها بما لم يسمع بمثله * (مقتل الصالح بن رزيك وولاية ابنه رزيك) * ولما استفحل أمر الصالح وعظم استبداده بجباية الأموال والتصرف وحجر العاضد تنكر له الحرم ودس إلى الأمراء بقتله وتولت كبر ذلك عمة العاضد الصغرى التي كانت كافلة الفائز بعد أختها واجتمع قوم من القواد والسودان منهم الريفي الخادم وابن الداعي والأمير بن قوام الدولة وكان صاحب الباب وتواطؤوا على قتله ووقفوا في دهليز القصر وأخرج ابن قوام الدولة الناس امامه وهو خارج من القصر واستوقفه عنبر الريفي يحادثه وتقدم ابنه رزيك فوثب عليه جماعة منهم وجرحوه وضرب ابن الداعي الصالح فأثبته وحمل إلى داره فبقي يجود بنفسه يومه ذلك وإذا أفاق يقول رحمك الله يا عباس ومات من الغد وبعث إلى العاضد يعاتبه على ذلك فحلف على البراءة من ذلك ونسبه إلى العسمة وأحضر ابنه رزيك وولاه الوزارة مكان أبيه ولقبه
(٧٦)