* (بداية أمر بنى بويه) * وكانوا اخوة ثلاثة أكبرهم عماد الدولة أبو الحسن على وركن الدولة الحسن ومعز الدولة أبو الحسن أحمد لقبهم بهذه الألقاب الخلفاء عند ما ملكوا الاعمال وقلدوهم إياها على ما نذكر بعد وهم الذين تولوا حجر الخلفاء بعد ذلك ببغداد كما يأتي وأبوهم أبو شجاع بويه بن قناخس وللناس في نسبهم خلاف فأبو نصر بن ماكولا ينسبهم إلى كوهى ابن شيرزيك الأصغر ابن شيركوه بن شيرزيك الأكبر ابن سران شاه بن سيرقند بن سيسانشاه بن سير بن فيروز بن شروزيل بن سنساد بن هراهم جور وبقية النسب مذكور في ملوك الفرس وابن مسكويه قال يزعمون أنهم من ولد يزدجرد بن شهريار آخر ملوك الفرس والحق أن هذا النسب مصنوع تقرب إليهم به من لا يعرف طبائع الأنساب في الوجود ولو كان نسبهم ذا خلل في الديلم لم تكن لهم تلك الرياسة عليهم وان كانت الأنساب قد تتغير وتخفى وتنتقل من شعب إلى شعب ومن قوم إلى قوم فإنما هو بطول الاعصار وتناقل الأجيال واندراس الأزمان والأحقاب وأما هؤلاء فلم يكن بينهم وبين يزدجرد وانقطاع الملك من الفرس الا ثلثمائة سنة فيها سبعة أجيال أو ثمانية أجيال ميزت فيها أنسابهم وأحصيت أعقابهم فكيف يدرك مثل هذه الأنساب الخفاء في مثل هذه الاعصار وان قلنا كان نسبهم إلى الفرس ظاهرا منع ذلك من رياستهم على الديلم فلا شك في هذه التقادير في ضعة هذا النسب والله أعلم وأما بدايتهم فإنهم كانوا من أوسط الديلم نسبا وحالا وفى أخبارهم أن أباهم أبا شجاع كان فقيرا وأنه رأى في منامه أنه يبول فخرج من ذكره نار عظيمة فاستضاءت الدنيا بها فاستطالت وارتفعت إلى السماء ثم افترقت ثلاث شعب ومن كل شعب عدة شعب فاستضاءت الدنيا بها والناس خاضعون لتلك النيران وأن عابرا عبر له الرؤيا بأنه يكون له ثلاثة أولاد يملكون الأرض ويعلو ذكرهم في الآفاق كما علت النار ويولد لهم ملوك بقدر الشعب وأن أبا شجاع استبعد ذلك واستنكره لما كانوا عليه من توسط الحال في المعيشة فرجع المعبر إلى السؤال عن وقت مواليدهم فأخبروه بها وكان منجما فعدل طوالعهم وقضى لهم جميعا بالملك فوعدوه وانصرف ولما خرج قواد الديلم الملك البلاد وانتشروا في الاعمال مثل ليلى وما كان وأسفار ومرداويچ خرج مع كل واحد منهم جموع من الديلم رؤس وأتباع وخرج بنو أبى شجاع هؤلاء في جملة قواد ما كان فلما اضطرب أمره وغلبه مرداويچ عن طبرستان وجرجان مرة بعد مرة لحق آخرا بنيسابور مهزوما فاعتزم بنو بويه على فراقه واستأذنوه في ذلك وقالوا انما نفارقك تخفيفا عليك فإذا صلح أمرك عدنا إليك وساروا إلى مرداويچ وتبعتهم جماعة من قواد ما كان فقبلهم
(٤٢٦)