في مدافعة الطاغية اجتماع الخاصة والعامة في عداوته والرهب منه بما هو عدو للدين فتستوي القلوب في مدافعته ومخافته فينزل ذلك بعض الشئ منزلة العصبية وكانت إجازة السلطان يعقوب بن عبد الحق إليه أربع مرات وأجاز ابنه يوسف إليهم بعد أبيه ثم شغلته الفتنة مع بنى يغمراسن إلى أن هلك السلطان الفقيه سنة احدى وسبعمائة وهو الذي أعان الطاغية على منازلة طريف وأخذها وكان يمير عسكره مدة حصاره إياها إلى أن فتحها سنة؟؟ لما كانت ركابا لصاحب المغرب متى هم بالجواز لقرب مسافة الزقاق فلما ملكها الطاغية صارت عينا على من يروم الجواز من الغزاة فعضب أمره عليهم وولى من بعده ابنه محمد المخلوع واستبد عليه وزيره محمد بن محمد ابن الحكم اللخمي من مشيخة رندة ووزرائها فحجره واستولى على أمره إلى أن ثار به أخوه أبو الجيوش نصر بن محمد فقتل الوزير واعتقل أخاه سنة ثمان وسبعمائة وكان أبوهما السلطان الفقيه استعمل على مالقة الرئيس أبا سعيد بن عمه إسماعيل بن نصر وطالت فيها امارته وهو الذي تملك سبتة وغدر بنى الغرفى بها على عهد المخلوع وبدعوته كما يذكر في أخبار سبتة ودولة بنى مرين وكان أصهر إليه في ابنته وكان له منها ابنه أبو الوليد إسماعيل فلما تملك الجيوش نصر غرناطة واستولى على سلطانهم بها ساءت سيرته وسيرة وزيره ابن الحاج وأحقد الاعياص من بني مرين واستظهر الرعية بالقهر والعسف وكان بنو إدريس بن عبد الله بن عبد الحق أمراء على الغزاة بمالقة وكان كبيرهم عثمان بن أبي المعلى فداخل أبا الوليد في الخروج على السلطان نصر وتناول الامر من يده لضعفه وسعفه بطانته وأقربائه فاعتزموا على ذلك ولم يتم لهم الا باعتقال أبيه أبى الجيوش فاعتقلوه وبايعوا أبا الوليد وثار بمالقة سنة سبع عشرة الرئيس أبو سعيد وزحفوا إلى غرناطة فهزموا عساكر أبى الجيوش وثارت به الدهماء من أهل المدينة وأحيط به وصالحهم على الخروج إلى وادى آش فلحق بها وجدد بها ملكا إلى أن مات سنة ثنتين وعشرين ودخل أبو الوليد إلى غرناطة فاصل بها لنفسه وبنيه ملكا جديدا وسلطانا فسيحا ونازله ملك النصارى الفنش بغرناطة سنة ثمان عشرة وأبلى فيها بنى أبى العلا ثم كان من تكييف الله تعالى في قتله وقتل رديفه واستلحام جيوش النصرانية بظاهر غرناطة ما ظهرت فيه معجزة من معجزات الله وتردد إلى أرض النصرانية بنفسه غازيا مرات مع عساكر المسلمين من زناتة والأندلس وكانت زناتة أعظم غناء في ذلك لقرب عهدهم بالتقشف والبداوة التي ليست للناس وبلغ أبو الوليد من العز والشوكة إلى أن غدر به بعض قرابته من بني نصر سنة سبع وعشرين وسبعمائة طعنه غدرا عندما انفض مجلسه بباب داره فأنفذه وحمل إلى فراشه ولحق القادر بدار
(١٧٣)