ابن المستعين سنة ثلاث وخمسين فلم تزل في يده وفى يد بنيه من بعده إلى أن غلب عليها العدو فيما غلب عليه من شرق الأندلس والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين [الخبر عن مجاهد العامري صاحب دانية والجزائر الشرقية وأخبار بنيه ومواليهم من بعدهم ومصاير أمورهم] كان فتح ميورقة سنة تسعين ومائتين على يد عصام الخولاني وذلك أنه خرج حاجا في سفينة اتخذها لنفسه فعصفت بهم الريح فأرسوا بجزيرة ميورقة وطال مقامهم هنالك واختبروا من أحوالهم ما أطمعهم في فتحها فلما رجع بعد فرضه أخبر الأمير بما رأى فيها وكان من أهل الغناء عنده في مثلها فبعث معه القطائع في البحر ونفر الناس معه إلى الجهاد فحاصرها أياما وفتحوها حصنا حصنا إلى أن كمل فتحها وكتب عصام بالفتح إلى الأمير عبد الله فكتب له بولايتها فوليها عشر سنين وبنى فيها المساجد والفنادق والحمامات ولما هلك قدم أهل الجزيرة عليهم ابنه عبد الله وكتب له الأمير بالولاية ثم زهد وترهب وركب إلى الشرق حاجا وانقطع خبره وذلك سنة خمسين وثلثمائة وبعث الناصر المرواني إليها الموفق من الموالى فأنشأ الأساطيل وغزا بلاد الإفرنج وهلك سنة تسع وخمسين أيام الحكم المستنصر وولى بعده كوثر من مواليه فجرى على سنن الموفق في جهاده وهلك سنة تسع وثمانين أيام المنصور فولى عليها مقاتل من مواليه وكان كثير الغزو والجهاد وكان المنصور وابنه المؤيد يمدانه في جهاده وهلك سنة ثلاث وأربعمائة أزمان الفتنة وكان مجاهد بن يوسف بن علي من فحول الموالى العامريين وكان المنصور قد رباه وعلمه مع مواليه القراءات والحديث والعربية فكان مجيدا في ذلك وخرج من قرطبة يوم قتل المهدى سنة أربعمائة وبايع هو والموالي العامريين وكثير من جند الأندلس للمرتضى كما قدمناه ولقيهم زاوي بفحص غرناطة فهزمهم وبدد شملهم ثم قتل المرتضى كما تقدم وسار مجاهد إلى طرطوشة فملكها ثم تركها وانتقل إلى دانية واستقل بها وملك ميورقة ومن ورقة ويابسة واستبد سنة ثلاث عشرة ونصب العيطى كما مر فأراد الاستبداد ومنع طاعة مجاهد ومنعه أهل ميورقة من ذلك فبعث عنه مجاهد وقدم على ميورقة عبد الله ابن أخيه فولى خمس عشرة سنة ثم هلك وكان غزا سردانية في الأساطيل فاقتحمها وأخرج النصارى منها وتقبضوا على ابنه أسيرا ففداه بعد حين وولى مجاهد على ميورقة بعد ابن أخيه مولاه الأغلب سنة ثمان وعشرين وكان بين مجاهد صاحب دانية وبين خيران صاحب مرسية وابن أبي عامر صاحب بلنسية حروب إلى أن هلك مجاهد سنة ست وثلاثين وولى ابنه على وتسمى اقبال الدول وأصهر إلى المقتدر بن هود وأخرجه من دانية سنة ثمان وستين
(١٦٤)