كان هذا البساسيري مملوكا لبعض تجار بسا من مدائن فراس فنسب إليها ثم صار لبهاء الدولة بن عضد الدولة ونشأ في دولته وأخذت النجابة بضبعه وتصرف في خدمة بيته إلى أن صار في خدمة الملك الرحيم وكان يبعثه في المهمات ومدافعة هذه الفتن فدافع الأكراد من جهة حلوان ودافع قريش بن بدران من الجانب الغربي وهما قائمان بدعوة طغرلبك ثم سار إلى الملك الرحيم بواسط وقد تأكدت الوحشة بينه وبين الوزير رئيس الرؤساء كما تقدم وبعث إليه وزيره أبو سعد النصراني بجرار خمر قدس عليها الوزير قوما ببغداد كانوا يقومون في تغيير المنكر فكسروها وأراقوا خمرها فتأكدت الوحشة بذلك واستفتى البساسيري الفقهاء الحنفية في ذلك فأفتوه باحترام مال النصراني ولا يجوز كسرها عليه ويغرم من أتلفها وتأكدت الوحشة بين الوزير وبين البساسيري وكانت الوحشة بينه وبين الأتراك كما مر فدس الوزير بالشغب على البساسيري فشغبوا واستأذنوا في نهب دوره فأذن لهم من دار الخلافة فانطلقت أيدي النهب عليها وأشاع رئيس الرؤساء أنه كاتب المستنصر العلوي صاحب مصر واتسع الخرق وكاتب القائم الملك الرحيم بابعاد البساسيري وأنه خلع الطاعة وكاتب المستنصر العلوي فأبعده الملك الرحيم * (استيلاء طغرلبك على بغداد والخليفة ونكبة الملك الرحيم وانقراض دولة بنى بويه) * كان طغرلبك قد سار غازيا إلى بلاد الروم فأثخن فيها ثم رجع إلى الري فأصلح فسادها ثم وصل همذان في المحترم سنة سبع وأربعين عاملا على الحج وأن يمر بالشأم ويزيل دولة العلوية بمصر وتقدم إلى أهل الدينور وقرميس وغيرهما باعداد العلوفات والزاد في طريقه وعظم الارجاف بذلك في بغداد وكثر شغب الأتراك وقصدوا ديوان الخلافة يطلبون القائم في الخروج معهم للمدافعة وعسكروا بظاهر البلد فوصل طغرلبك إلى حلوان وانتشر أصحابه في طريق خراسان وأجفل الناس إلى غربي بغداد وأصعد الملك الرحيم من واسط بعد أن طرد عنه البساسيري بأمر القائم فلحق بدبيس بن صدقة صاحب الحلة لصهر بينهما وبعث طغرلبك إلى القائم بطاعته والى الأتراك بالمواعيد الجميلة فرد الأتراك كتابه وسألوا من القائم رده عنهم فأعرض وجاء الملك الرحيم يعرض نفسه فيما يختاره فأمر بتفويض الأتراك خيامهم وأن يبعثوا بالطاعة لطغرلبك ففعلوا وأمر القائم الخطباء بالخطبة لطغرلبك فبعث إلى طريقهم الوزير أبا نصر الكندري وأمر الأجناد ثم دخل طغرلبك بغداد يوم الخميس ليومين من رمضان ونزل بباب الشماسية ووصل قريش صاحب الموصل وكان في طاعته قبل ذلك ثم انتشرت عساكر طغرلبك في البلد وأسواقها فوقعت الهيعة وظن الناس أن الملك الرحيم أذن بقتال
(٤٩٣)