أبو الفتح وكان شابا مليحا قد أبطره العز والدالة على أبيه وكان يتعرض كثيرا لما يغضبه وكانت بأبي الفضل علة النقرس فتزايدت عليه وأفحشت عليه ولما وصل إلى همذان توفى بها لأربع وعشرين سنة من وزارته وأقام ابنه أبا الفتح مقامه وصالح حسنويه على مال أخذه منه وعاد إلى الري إلى مكانه من خدمة ركن الدولة وكان أبو الفضل بن العميد كاتبا بليغا وعالما في عدة فنون مجيدا فيها ومطلعا على علوم الأوائل وقائما بسياسة الملك مع حسن الخلق ولين العشرة والشجاعة المعروفة بتدبير الحروب ومنه تعلم عضد الدولة السياسية وبه تأدب * (انتقاض كرمان على عضد الدولة) * ولما ملك عضد الدولة كرمان كما قلناه اجتمع القفص والبلوص وفيهم أبو سعيد وأولاده واتفقوا على الانتقاض والخلاف واستمد عضد الدولة كورتكين بن حسان بعابد بن علي فسارا في العساكر إلى جيرفت وحاربوا أولئك الخوارج فهزموهم وأثخنوا فيهم وقتلوا من شجعانهم وفيهم ابن لابي سعيد ثم سار عابد بن علي في طلبهم وأوقع بهم عدة وقائع وأثخن فيهم وانتهى إلى هرمز فملكها واستولى على بلاد التيز ومكران وأسر منهم ألف أسير حتى استقاموا على الطاعة وإقامة حدود الاسلام ثم سار عائدا إلى طائفة أخرى يعرفون بالحرومية والجاسكية يخيفون السبيل برا وبحرا وكانت قد تقدمت لهم إعانة سليمان بن أبي علي بن الياس فلما أوقع بهم أثخن فيهم حتى استقاموا على الطاعة وصلحت تلك البلاد مدة ثم عاد البلوص إلى ما كانوا عليه من إخافة السبيل بها فسار عضد الدولة إلى كرمان في القعدة سنة ثنتين وانتهى إلى السيرجان وسرح عابد بن علي في العساكر لاتباعهم فأوغلوا في الهرب ودخلوا إلى مضايق يحسبونها تمنعهم فلما زاحمتهم العساكر بها آخر ربيع الأول من سنة احدى وستين صابروا يوما ثم انهزموا آخره فقتلت مقاتلتهم وسبيت ذراريهم ونساؤهم ولم ينج منهم الا القليل ثم استأمنوا فأمنوا ونقلوا من تلك الجبال وأنزل عضد الدولة في تلك البلاد أكرة وفلاحين ثم شملوا الأرض بالعمل وتتبع العابد أثر تلك الطوائف حتى بدد شملهم ومحا ما كان من الفساد منهم * (عزل أبى الفضل ووزارة ابن بقية) * كان أبو الفضل العباس بن الحسين وزير المعز الدولة ولابنه بختيار من بعده وكان سيئ التصرف وأحرق في بعض أيامه الكرخ ببغداد فاحترق فيه عشرون ألف انسان وثلثمائة دكان وثلاثة وثلاثون مسجدا ومن الأموال ما لا يحصى وكان الكرخ معروفا
(٤٤٦)