أبى المظفر والديلم وأعانه عليهم أهل البلد لسوء سيرتهم فهزمهم ابن رشد وملك البلد وقتل الخادم وكثيرا من الديلم والعمال وأخرب دار الامارة وأسقط المكوس واقتصر على ربع العشر من أموال التجار والواردين وأظهر العدل وليس الصوف وبنى مسجدا لصلاته وخطب لنفسه وتلقب الراشد بالله وقد كان أبو القاسم بن مكرم بعث إليه من قبل ذلك من حاصره في جبله وأزال طمعه * (الفتنة بين العامة ببغداد) * وفى صفر من سنة ثلاث وأربعين تجددت الفتنة ببغداد بين أهل السنة والشيعة وعظمت وتظاهر الشيعة بمذاهبهم وكتبوا بعض عقائدهم في الأبواب وأنكر ذلك أهل السنة واقتتلوا وأرسل القائم نقيبى العباسية والعلوية لكشف الحال فشهدوا للشيعة ودام القتال وقتل رجل من الهاشمية من أهل السنة فقصدوا مشهد باب النصر ونهبوا ما فيه وأحرقوا ضريح موسى الكاظم وحافده محمد المتقى وضرائح بنى بويه وبعض خلفاء بنى العباس وهموا بنقل شلوا الكاظم إلى مقبرة أحمد بن حنبل فحال دون ذلك جهلهم بعين الجدث وجاء نقيب العباسية فمنع من ذلك وقتل أهل الكرخ من الشيعة أبا سعيد السرخسي مدرس الحنفية وأحرقوا محال الفقهاء ودورهم وتعدت الفتنة إلى الجانب الشرقي وبلغ احراق المشهد إلى دبيس فعظم عليه وقطع خطبة القائم لأنه وأهل ناحيته كانوا شيعة وعوتب في ذلك فاعتذر بأن أهل الناحية تغرى القائم بأهل السنة وأعاد الخطبة بحالها ثم عظمت الفتنة سنة خمس وأربعين واطرحوا مراقبة السلطان ودخل معهم طوائف من الأتراك وقتل بعض العلوية فصرخ النساء بثاره واجتمع السواد الأعظم وركب القواد لتسكين الفتنة فقاتلهم أهل الكرخ قتالا شديدا وحرقت أسواق الكرخ ثم منع الأتراك من الدخول بينهم فسكنوا قليلا * (استيلاء الملك الرحيم على البصرة) * قد كنا قدمنا أن الملك الرحيم لما تولى بغداد بعد أبيه أقر اخاه أبا على على امارة البصرة ثم بدا منه العصيان فبعث إليه العساكر مع البساسيري القائم بدولته فزحف إلى البصرة وبرزوا إليه في الماء فقاتلهم عدة أيام ثم هزمهم وملك عليهم الأنهار وسارت العساكر في البر إلى البصرة واستأمنت ربيعة ومضر فأمنهم وملك البصرة وجاءته رسل الديلم بخوزستان يعتذرون ومضى أبو على فتحصن بشط عثمان وخندق عليه فمضى الملك الرحيم إليه وملكه ومضى أبو على وابنه إلى عبادان ولحق منها إلى جرجان متوجها إلى السلطان طغرلبك فلما وصل إليه بأصفهان لاقاه بالتكرمة وأنزله بعض قلاع
(٤٩٠)