في عساكر الترك ولقيهم الأمير أرتق في طريقهم سائرا إلى العراق فعاد معهم وجاؤا إلى الموصل فملكوها وسار السلطان في عساكره إلى بلاد مسلم بن قريش وانتهى إلى البواريح وقد خلص مسلم بن قريش من الحصار بآمد ووصل إلى الرحبة وقد ملكت عليه الموصل وذهبت أمواله فراسل مؤيد الملك بن نظام الملك فتوسل به فتقبل وسيلته وأذن له في الوصول إلى السلطان بعد أن أعطاه من العهد ما رضى به وسار مسلم ابن قريش من الرحبة فأحضره مؤيد الملك عند السلطان وقدم هدية فاخرة من الخيل وغيرها ومن جملتها فرسه الذي نجا عليه وكان لا يجارى فوقع من السلطان موقعا وصالحه وأقره على بلاده فرجع إلى الموصل وعاد السلطان إلى ما كان بسبيله * (مقتل مسلم بن قريش وولاية ابنه إبراهيم) * قد قدمنا ذكر قطلمش قريب السلطان طغرلبك وكان سار إلى بلاد الروم فملكها واستولى على قونية واقصراى ومات فملك مكانه ابنه سليمان وسار إلى أنطاكية سنة سبع وسبعين وأربعمائة وأخذها من يد الروم كما نذكر في أخباره وكان لشرف الدولة مسلم بن قريش بأنطاكية جزية يؤديها إليه صاحبها القردروس من زعماء الروم فلما ملكها سليمان ابن قطلمش بعث إليه يطالبه بتلك الجزية ويخوفه معصية السلطان فأجابه بأنى على طاعة السلطان وأمري فيها غير خفى وأما الجزية فكانت مضروبة على قوم كفار يعطونها عن رؤسهم وقد أدال الله منهم بالمسلمين ولا جزية عليهم فسار شرف الدولة ونهب جهات أنطاكية وسار سليمان فنهب جهات حلب وشكت إليه الرعايا فرد عليهم ثم جمع شرف الدولة جموع العرب وجموع التركمان مع أميرهم جق وسار إلى أنطاكية فسار سليمان للقائه والتقيا في أعمال أنطاكية في صفر سنة ثمان وسبعين ولما التقوا مال الأمير جق بمن معه من التركمان إلى سليمان فاختل مصاف مسلم بن قريش وانهزمت العرب عنه وثبت فقتل في أربعمائة من أصحابه وكان ملكه قد اتسع من نهر عيسى وجميع ما كان لأبيه وعمه قراوش من البلاد وكانت أعماله في غاية الخصب والأمن وكان حسن السياسة كثير العدل ولما قتل مسلم اجتمع بنو عقيل وأخرجوا أخاه إبراهيم من محبسه بعد أن مكث فيه سنين مقيدا حتى أفسد القيد مشيته فأطلقوه وولوه على أنفسهم مكان أخيه مسلم ولما قتل مسلم سار سليمان بن قطلمش إلى أنطاكية وحاصرها شهرين فامتنعت عليه ورجع وفى سنة تسع وسبعين بعدها بعث عميد الدولة عسكرا إلى الأنبار فملكها من يد بنى عقيل وفيها أقطع السلطان ملك شاه مدينة الرحبة وأعمالها وحران وسروج والرقة والخابور لمحمد بن شرف الدولة مسلم بن قريش وزوجه بأخته خاتون زليخة فتسلم جميع هذه البلاد وامتنع محمد بن المشاطر من تسليم حران فأكرهه السلطان
(٢٦٩)