في حكمه واختص باسم السلطان وبعث إليه أبو القاسم البريدي صاحب البصرة فضمن واسط وأعمالها وعقد له عليها * (خلع المستكفى وبيعة المطيع وما حدث في الجباية والأقطاع) * وبعد أشهر قلائل من استيلاء معز الدولة على بغداد نمى إليه أن المستكفى يريد الإدالة منه فتنكر له وأجلسه في يوم مشهود للقاء وافد من أصحاب خراسان وحضر معز الدولة في قومه وعشيرته وأمر رجلين من نقباء الديلم بالفتك بالخليفة فتقدما ووصلاه ليقبلا يد المستكفى ثم جذباه عن سريره وقاداه ماشيا واعتقلاه بداره وذلك في منتصف أربع وثلاثين فاضطرب الناس وعظم النهب ونهبت دار الخلافة وبايع معز الدولة للفضل بن المقتدر ولقبه المطيع لله وأحضر المستكفى فأشهد على نفسه بالخلع وسلم على المطيع بالخلافة وسلب الخليفة من معاني الامر والنهى وصيرت الوزارة إلى معز الدولة يولى فيها من يرى وصار وزير الخليفة مقصور النظر على اقطاعه ومقتات داره وتسلم عمال معز الدولة وجنده من الديلم وغيرهم أعمال العراق وأراضيه ولاية وأقطاعا حتى كان الخليفة يتناول الاقطاع بمراسم معز الدولة وانما ينفرد بالسرير والمنبر والسكة والختم على الرسائل والصكوك والجلوس للوفد واجلال التحية والخطاب ومع ذلك بأوضاع القائم على الدولة وترتيبه وكان القائم منهم على الدولة تفرد في دولة بنى بويه والسلجوقية بلقب السلطان ولا يشاركه فيه غيره ومعاني الملك من القدرة والأبهة والعز وتصريف الامر والنهى حاصل للسلطان دون الخليفة وكانت الخلافة حاصلة للعباسي المنصوب لفظا مسلوبة عنه معنى ثم طلب الجند أرزاقهم بأكثر من العادة لتجدد الدولة فاضطر إلى ضرب المكوس ومد الأيدي إلى أموال الناس وأقطعت جميع القرى والضياع للجند فارتفعت أيدي العمال وبطلت الدواوين لان ما كان منها بأيدي الرؤساء لا يقدرون على النظر فيها وما كان بأيدي الاتباع خرب بالظلم والمصادرات والحيف في الجباية واهمال النظر في اصلاح القناطر وتعديل المشارب وما خرب منها عوض صاحبه عنه بآخر فيخربه كما يخرب الاخر ثم إن معز الدولة أفرد جمعها من المكوس والظلامات وعجز السلطان عن ذخيرة يعدها لنوائبه ثم استكثر من الموالى ليعتز بهم على قومه وفرض لهم الارزاق والاقطاع فحدثت غيرة قومه من ذلك وآل الامر إلى المنافرة كما هو الشأن في الدول * (مسير ابن حمدان إلى بغداد وانهزامه أمام معز الدولة) * ولما بلغ استيلاء معز الدولة على بغداد وخلعه المستكفى إلى ناصر الدولة بن حمدان
(٤٣٥)