فحاصروهم واتفقوا على أن يرحلوا إلى أنطاكية فإذا نزل الروم عليها ثاروا من داخل وانتقل أهل الوفاة ونزلوا بجبل أنطاكية وجاء بعد شهرين أخو يعفور ملك الروم في أربعين ألفا من جموع الروم ونازل أنطاكية فأخلا له أهل الوفاة السور من ناحيتهم وملكوا البلد وسبوا منها عشرين ألفا ثم أنفذ ملك الروم جيشا كثيفا إلى حلب وأبو المعالي بن سيف الدولة عليها يحاصرها ففارقها أبو المعالي وقصد البرية وملك الروم حلب وتحصن قرعوية وأهل البلد بالقلعة فحاصروها مدة ثم ضربوا الهدنة بينهم على مال يحمله قرعوية وعلى ان الروم إذا أرادوا الميرة من قرى الفرات لا يمنعونهم منها ودخل في هذه الهدنة حمص وكفر طاب والمعرة وافامية وشيزر وما بين ذلك من الحصون والقرى وأعطاهم رهنهم على ذلك الروم وأفرج الروم عن حلب وكان ملك الروم قد بعث جيشا إلى ملاذ كرد من أعمال أرمينية فحاصروها وفتحوها عنوة ورعب أهل الثغور منهم في كل ناحية * (مقتل يعفور ملك الروم) * كان يعفور ملكا بالقسطنطينية وهي البلاد التي بيد بنى عثمان لهذا العهد وكان من يليها يسمى الدمشق وكان يعفور هذا شديدا على المسلمين وهو الذي أخذ حلب أيام سيف الدولة وملك طرسوس والمسينة وعين زربة وكان قتل الملك قبله وتزوج امرأته وكان له منها ابنان فكفلهما يعفور وكان كثيرا ما يطرق بلاد المسلمين ويدوخها في ثغور الشأم والجزيرة حتى هابه المسلمون وخافوه على بلادهم ثم أراد أن يجب ربيبيه ليقطع نسلهما ففرقت أمهما من ذلك وأرسلت إلى الدمشق بن الشميشق وداخلته في قتله وكان شديد الخوف من يعفور وهذا كان أبوه مسلما من أهل طرسوس يعرف بابن العفاش تنصر ولحق بالقسطنطينية ولم يزل يترقى في الأطوار إلى أن نال من الملك ما ناله وهذه غلطة ينبغي للعقلاء أن يتنزهوا عنها ولا ينال الملك من كان عريقا في السوقة وفقيدا للعصابة بالكلية وبعيدا عن نسب أهل الدولة فقد تقدم من ذلك في مقدمة الكتاب ما فيه كفاية * (استيلاء أبى ثعلب على حران) * وفى منتصف سنة تسع وخمسين سار أبو ثعلب إلى حران وحاصرها نحوا من شهر ثم جنح أهلها إلى مصالحته واضطربوا في ذلك ثم توافقوا عليه وخرجوا إلى أبي ثعلب وأعطوه الطاعة ودخل في إخوانه وأصحابه فصلى الجمعة ورجع إلى معسكره واستعمل عليهم سلامه البرقعيدي وكان من أكابر أصحاب بنى حمدان وبلغه الخبر بأن نميرا عاثوا في بلاد الموصل وقتلوا العامل ببرقعيد فأسرع العود
(٢٤٥)