والكوفة وواسط والبصرة وأميرهم بهذه العصور منيع بن حسان وكانت بينه وبين صاحب الموصل منافسات جرتها المناهضة والجوار فترددت الرسل بين السلم والحرب وسار منيع بن حسان سنة سبع عشرة إلى الجامعين من أعمال دبيس فنهبها وسار دبيس في طلبه ففارق الكوفة وقصد الأنبار من أعمال قرواش فحاصرها أياما ثم افتتحها وأحرقها وجاء قرواش لمدافعته ومعه عريب بن معن فلم يجدوه فمضوا إلى القصر فخالفهم منيع إلى الأنبار فعاث فيها ثانية فسار قرواش إلى الجامعين واستنجد دبيس بن صدقة فسار معه في بني أسد ثم خاموا عن لقاء منيع فافترقوا ورجع قرواش إلى الأنبار فأصلحها ورم أسوارها وكان دبيس وقرواش في طاعة جلال الدولة فسار منيع ابن حسان إلى أبي كليجار بالأهواز فأطاعه وخلع عليه ورجع إلى بلده يخطب له بها * (شغب الأتراك على جلال الدولة) * ولما استقل جلال الدولة بملك بغداد وكثر جنده من الأتراك واتسعت أرزاقهم من الديوان وكان الوزير أبو علي بن ماكولا فطالبوه بأرزاقهم فعجز عنها وأخرج جلال الدولة صياغات وباعها وفرقها في الجند ثم ثاروا عليه وطالبوه بأرزاقهم وحصروه في داره حتى فقد القوت والماء وسأل الانزال إلى البصرة وخرج بأهله ليركب السفن إلى البصرة وقد ضرب سرادقا على طريقهم ما بين داره والسفن فقصد الأتراك السرادق فامتعض جلال الدولة لحريمه ثم نادى في الناس وخرج الجند ونادوا بشعاره ثم شغبوا عليه بعد أيام قلائل في طلب أرزاقهم واضطر جلال الدولة إلى بيع ملبوسه وفرشه وخيامه وفرق أثمانها فيهم وعزل جلال الدولة وزيره أبا على واستوزر أبا طاهر ثم عزله بعد أربعين يوما وولى سعيد بن عبد الرحيم وذلك سنة تسع عشرة * (استيلاء أبى كليجار على البصرة ثم على كرمان) * ولما أصعد جلال الدولة إلى بغداد استخلف على البصرة ابنه الملك العزيز أبا منصور وكان بين الأتراك وبين الديلم من الفتنة ما ذكرناه فتجددت بينهم الفتنة فغلب الأتراك وأخرجوا الديلم إلى الأبلة مع بختيار بن علي فسار إليهم الملك العزيز ليرجعهم فحاربوه ونادوا بشعار أبى كليجار بن سلطان الدولة وهو بالأهواز فعاد منهزما ونهب الديلم الأبلة ونهب الأتراك البصرة وبلغ الخبر إلى أبي كليجار فبعث من الأهواز عسكرا إلى بختيار والبصرة والديلم فقاتلوا الملك العزيز وأخرجوه فلحق بواسط وملكوا البصرة ونهبوا أسواقها سنة تسع عشرة وهم جلال الدولة بالمسير إليهم وطلب المال للجند وشغل بمصادرة أرباب الأموال وبلغ خبر استيلاء أبى كليجار على البصرة إلى كرمان وكان بها عمه قوام الدولة أبو الفوارس وقد تجهز لقصد بلاد فارس فأدركه أجله فمات فنادى
(٤٧٦)